مقدّمة

يُعتبر هذا النداء الافتتاحيّ، إعتراف إيمانيّ واضح. نتوجّه إلى الله ندعوه "أبا"، وحالا نحدّده بالضمير" نا ". نؤمن أنّ الله هو أب، وهذا يعني أننا "أبناء". وكوننا أبناء للأب نفسه، هذا يعني أننا إخوة. في هذه الصيغة الاستهلالية، نختبر إيماننا في بنوّتنا لله ، وبالتالي في أُخوّتِنا مع بعضنا. يَعلَم الأبناء، أنه بإمكانهم أن يحصلوا من الأب على كلّ ما يريدونه، لأنّ كلّ شيء متعلّق به؛ ويعرفون في الوقت عينه، أنهم محبوبين من قبله؛ ولكن عليهم أن يطيعوه، كونه يعرف أفضل منهم، ما هو خيرهم الحقيقي. يعلم الأبناء أو على الأقل (عليهم أن يعلموا)، إن لم يمنحهم الأب شيئا، فهذا لا يعني نقص في العاطفة تجاههم، قد لا يعتقد الأب أن الطلب ملائما لهم، أو إنه لم يحين الوقت المناسب ليمنحه لهم.

إنّ الآب هو الذي خلقنا. يجري دمه في شراييننا، في شريطنا الوراثي الــ (DNA) يوجد بصمة (سمة) هويته. بإمكاننا أن نرجع إلى الأب الطبيعي بإجراء فحص للــ (DNA). بدعوتنا الله "أبًا" ، نثبت إيماننا بأن فينا توجد بصمته، وإننا مخلوقين على صورته، ومن خلال شريطنا الوراثي الــ (DNA)، بالإمكان التَعرّف على شريطه الوراثي هو. بإضافتنا الضمير " نا " ، نؤكد بأن لدينا رابط ، كالقرابة الدمويّة، مع " إخوتنا " ، بحيث أنّ كلّ إنسان هو أخي أو أختي، وان البشريّة هي عائلة، ولهذا علينا أن نعيش لأجل أن تُعرفَ هذه الأخوّة العالميّة.

يقول التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة:

"من حيث القواعد اللغويّة الـ "نا" تصف حقيقة مشتركة بين جملة أشخاص. فلا إله الاّ واحد ويعترف به أبا أولئك الذين بالايمان بابنه الوحيد، قد ولدوا منه ولادة جديدة بالماء والروح. والكنيسة هي هذه الشركة الجديدة بين الله والناس. وباتحادها بالابن الوحيد الذي صار "بكرًا" ما بين اخوة كثيرين (روما8/29)، تكون مشتركة مع الآب الواحد نفسه، في الروح القدس الواحد نفسه. وعندما يصلي كل معمد الى أبيـ "نا"، فهو يصلّي في هذه الشركة: "كان لجمهور المؤمنين قلب واحد ونفس واحدة" (اعمال 4/32) ". (العدد 2790).

لهذا يكمل التعليم المسيحي للكنيسة القول:

"لذلك فالصلاة الى أبيــ"نا" تبقى، على ما بين المسيحيّين من انقسامات، خيرًا مشتركًا ودعوة ملحّة لجميع المعمّدين. فبمشاركتهم القائمة على الإيمان بالمسيح وعلى المعمودية، عليهم أن يشتركوا في صلاة يسوع لأجل وحدة تلاميذه". (العدد، 2791).

من وجهة النظر هذه، فصلاة "الأبانا" هي قبل كلّ شيء، صلاة مسكونيّة، بالواقع أنّ كل الذين يتوجّهون إلى الله داعين إيّاه: "أبانا"، والذين إعتمدوا بروح إبنه، ندعوهم أخوة ونعترف بهم. كما في أيّة عائلة، عليّ أن أشعر بأن مشاكل أخي هي مشاكلي أنا، ونجاحاته هي نجاحاتي، لذلك يجب أن لا يكون هناك مجالا للمزاحمة والحسد. إذا تألمّ أحد، أتألمّ أنا معه، وإن كان معوزا، أتقاسم خيراتي معه، وان كان بحاجة لمساعدة، فأنا مستعد لمساعدته، فلا يمكنني أن أهمله.

يُتبع

من فيض القلب

في الزمن الذي نشهد فيه إزدهار الكلام الحاقد المستهتر على شاشات التلفزة وكافة وسائل التواصل الإجتماعي ، لا يزال سفر المزامير يصدح : ” كلام الرب كلام نقي ، فضة محمية مجرَّبة في الأرض ، قد صفيت سبعة أضعاف. ” 
هي كلمات الرب النقية كالفضة المصفاة بالنار سبع مرات. كلمات مقدسة ومُقَدِسة ، ووعود أمينة تستأهل “آمين” نا . كلمات ليست كباقي الكلمات في روحها عوناً يحوّل حياتنا الى تسبحة مفرحة. كلمات تحسّن و تحصن يومياتنا ببهجة خلاص الرب.
فما تعكس كلماتنا نحن ؟؟ ألعلها مجرد كلام ثرثرة فارغ أو شكل آخر من أشكال العنف أو منبر آخر يطل منه سيف الظالم؟؟
بهذه الحالة كم يجب علينا أن نتنبه لحقيقة أن الكلمات عطية إلهية، بها نسبح الله وبها نتواصل مع الآخر، و إذا أسأنا استخدامها تصبح نارًا مدمرة وعالم إثم. والمشكلة لا تكمن في اللسان أنما في قلب الإنسان: لإنه من فيض القلب يتكلم اللسان.
فكم من الرائع إذاً أن نصفي القلب سبع مرات :
1. بمخافة الرب.
2. بالصلاح.
3. بالمعرفة السماوية.
4. بالإيمان بالقدرة الإلهية.
5. بالمشورة.
6. بالفهم.
7. وبالحكمة 
فيصبح قلبنا علية صهيون ولساننا ،بكلماته، قيثارة روحية يلعب