في زمن الصوم المقدّس، تعيش الكنيسة الجامعة حالة التوبة والعودة الى العريس يسوع، حيث تجد المكرسين مع الأزواج في حالة صوم وصلاة وإستغفار. يا للعجب كيف أن الجميع يتشابه في الحالة عينها. فتجد العائلة تشبه الدير والصومعة في حالة واحدة معهما، إنّه تقارب وتلاقٍ وتكامل، يسمح به الله لكي تدرك العائلة حقيقة القداسة، أنها مدعوة بطريقة ما أن تقتدي بنسك الرهبان وقداسة الأحبار والكهنة، وهذا الإقتداء يتمثّل: بعيش النسك أي بالعودة الى الذات والإبتعاد عن الأميال المنحرفة، والزهد بالعادات وطريقة النوم ونوعية المآكل، وإنقطاع عن أشياء كثيرة، وصلاة، وتوبة وصوم يوصلبالعائلة « الى ميناء الخلاص»[1] والهدف واحد، التقرّب من العريس يسوع بإمتلاء القلب من خمرة حبّه المقدّسة[2] (راجع، يو2: 1- 11). ولكن إذا لم تدرك العائلة حقيقة ما تفعله، يبقى الصوم عندها، ممارسات خارجية لا تطال الداخل، فينطبق عليها قول الرب القائل: «هذا الجيل يكرّمني بشفتيه أما قلبه فبعيد عنّي» (مت15: 8 ؛ مر7: 6)، أمّا إذا أدركت العائلة أن ما تقوم به، يمس كيانها كأسرة، فهي تتحوّل على مثال النسّاك والرهبان والكهنة القديسين فتصبح عائلة مقدّسة لأنّها عملت على غرار هؤلاء، في تنقية قلبها[3] من الخطايا(راجع2قور3: 3) الذي تآكلته (راجع شفاء الأبرص مر1: 35 – 43)، وشفاء نظرها من العمى، فصارت تبصر الرب القائم في حياتها (راجع، مر10: 46- 52)، فلمست جسد يسوع فتوقف للحال نزفها كالنازفة (لو8: 40 -56)، وهي مثل الإبن الضائع عرفت أنها كانت في حالة موت فقامت فعاشت، وضائعة فوجدت (لو15: 11- 32) وأدركت أن إدمانها على الخطايا قطع أوصالها وعلاقاتها مع الآخرين، فقامت بنعمة المسيح الغافرة للحال ومشت الى بيتها مسرورة (راجع مر2: 1 -12).
على العائلة المسيحيّة أن تسأل نفسها، هل تسفيد بالفعل من هذا الزمن المبارك؟ هل تدرك أنها مدعوة أن تختبر مع يسوع ليل الإيمان (راجع، مت26: 36- 46)، وأنّها كالرهبان والنسّاك والكهنة والأحبار، مسؤولة عن تقديس العالم؟
[1] - زمن الصوم الكبير : آية عرس قانا الجليل، صلاة الغفران، ص 265؛ كتاب القداس بحسب طقس الكنيسة الأنطاكية السريانيّة المارونيّة؛ منشورات: بكركي – لبنان 2005.
[2] - المرجع ذاته، ص 265.
[3] - زمن الصوم الكبير: أسابيع الثلاثة الأولى، صلاة الغفران، ص 276؛ كتاب القداس بحسب طقس الكنيسة الأنطاكية السريانيّة المارونيّة؛ منشورات: بكركي – لبنان 2005.