في الكنيسة أو الجهاد المسيحي
المدراش ٤١"
نتعلّم من هذا النشيد، أربعة تأملات روحيّة، تساعدنا في عيش أفضل لمعنى أسبوع الآلام. سنتأمّل معا في معنى حقيقة الإلتزم والأمانة والإخلاص لعريسنا يسوع الذي أحبنا حتى المنتهى.
التسبيح الحقيقي، يبدأ بتحرر القلب "الحب البشري" من أوهام الوثنية، واقتناء ذاكرة الفداء الحيّة.

١- بين تسبيح وصمت
وبّخ القديس أفرام بشدّة، صمت الشعب أمام مجد الإبن واتضاعه، أنه شعب ناكر الجميل يشك بخلاص يسوع. فشبه أفرام الشعب بذاك الأخرس الذي يمتلك أجراسا "خرساء تمنع من التسبيح...". تكمن جذور المشكلة في عبادة الشعب المنحرفة لله، عبادة تعكس سولكا معوّجا في حياة الشعب تشوّه التعاليم. فعندما تُمتزج المواقف الوثنية الملتوية مع الكتاب المقدس، يتحوّل الشعب الى عابد ل-"ذاك العجل... الأخرس صاروا هاتفين، ولدى سامع الكل كانوا ساكتين". (فقرة٦)
فلا تكن مثلهم أخرس الإيمان ومتقلّب المواقف والأفعال (فقرة٦)، بل بالحري كن "جرس العيد" الحقيقي صوت الفصح، الذي يقرع للسامعين لحن تسبيح وتمجيد آلام المسيح، متّخذا من قلبك وعقلك ونفسك ومن إرادتك وقوتك وفكرك وجسدك، بوق الفرح يعزف مع أجواق القديسين والملائكة، أناشيد التسبيح لمجد المسيح الظافر على الموت.

٢- الزنا والقلب
أحبت صهيون العجل، ففضلته على عريسها ورفيق صباها وإلهها وفاديها الذي افتداها من سطوة طغيان فرعون، وها هي ساجدة في قلبها للعجل، أحبته ف-"حبلت بذاك الذي صاغته... فجعلته سيّدها. وزنت به فدعته بعلها" ( فقرة٧).
تخلت عن زوجها، إنه الجهل، المراهقة المستدامة. ترمز صهيون الخائنة، إلى ثقافة اليوم، أي ثقافة اللحظات العابرة، التي ترفض النضوج والبلوغ والإتزان والإبداع، إذ تجعل من الشخص في حالة مراهقة لا تنتهي، فتنفي منه المبادىء، أولها الإلتزام، وانطلاقا من هنا، بإمكننا فهم مصدر كل خيانة.
فإن أردنا معرفة هذا الكم الكبير من الخيانات في الحياة الزوحية والكنسية والوطنية والعالمية، سنجد لا محال أنه هناك شعوب رضخت وسجدت لوثنية ثقافة اللحظات العابرة.

٣- أهم أشكال الوثنية
العلاقات العابرة مع الأشخاص والإفراط بحب الأنا، والصداقات المتقلبة والغير المستقرة، والمنفعية وأوهام الإباحية والعنف والتعصّب والتشدّد، وهاجس الغد، ومحبة الجاه والمال والمقاعد، والخوف من الشيخوخة، والنزوع الى تجدد على قاعدة التحرر من الموت الجسدي، كلها تشكّل محفلا وثنيا بامتياز، حالة شبهها أفرام بعقرب الذي "كمّ الأفواه عن التسبيح في أرض اليهودية، التي خرِس فمُها وقسا لدغُها. ويل ونحيب من داخل صمتها"(فقرة ١١- ١٢). وكم يوجد اليوم من أفواه لدغتها أفاعي الإبحاية وعقارب الظرفية؟

٤- ذاكرة الفداء
فلا تجعل عقرب تجربة اللحظات العابرة، يلدَغ تسبيحك ويسمّم مواقفك النبوية. فالأمانة والوفاء والإخلاص للشريك، تتطلب منك موقف يسوع عينه، ان تحب وتشهد وتبادر وتتذكر دون توقف، فاخذ من المسيح يسوع الرب والإله، ذاكرة الفداء، وضعها في قلبك واطبعها في نفسك وعقلك، إنها سورك وحصنك وذاكرتك، إذ تقيك من الضياع الروحي ونسيان لرغبة المحبة لله وللقريب.
فكن دوما ذاك الصوت المسبّح يُرعِد، بقوة الحقيقة وبغزارة الحق يرنّم، وبطوفان المحبة ينقل الى القلوب قيم ذاكرة الفداء، أولها التضحية في المحبة.

زهرة القيامة!

كما تنبثق الحياة من بذرة زهرة الأستر Aster الغافية بين ذرات التراب، كذلك كان شعاع نور الحياة ينبثق من موت المسيح الجسدي على الصليب، كان كذلك لتتم النبوءة ويتحقق الرجاء بفرحة العبور إلى الحياة الروحية المانحة البركة والمحبة والوحدة، أنها الحياة الجديدة التي أرادها الربُّ للإنسان، أنها هبة واهبة ولابد من تقبلها وصونها بنفس الدرجة الممنوحة وأكثر.عناية وقوة الربَّ لا حدود لهما، فقد عمل الربُّ منذ أن خلق آدم وحواء على المحافظة على شعبه وإدامته، كل الشر الذي كان يصنعه يحوله إلى خير من أجله لأنه ببساطة يحبه ويريد له كل أفضل وأي حبّ أعظم من هذا المقرون بالصبر والتسامح والتوبة؟! والكتاب المقدس بعهده القديم فيه أدلة كثيرة تثبت أن عناية الربّ وخلاصه لا حدود لهما، كما نقرأ في سفر أسْتِير الملكة ( 1 – 10 ) زوجة الملك أحشويروش، التي صبرت وسعتْ من أجل إنقاذ قومها من الهلاك والقتل الذي كان مستشار الملك هامان يريده لهم، كان يسعى من أجل أبادتهم والتخلص منهم ولكن هي باستغاثتها من الربّ وبحكمتها وتحملها الصوم ثلاثة أيام ليلاً ونهارًا ( أستير 4 : 16 – 17 ) جعلت كل ما كان يخطط له ينقلب ضده وجعلت حكم الإعدام يصدر من الملك أحشويروش بحقه جزاء الشر الذي كان يضمره ( أستير 7 : 5- 10 ).     نتعلم من سفر أسْتير أن إرادة الربّ فوق أي إرادة ونتعلم من يسوع المسيح أنه بالصبر والتحمل والثبات في إرادة الربّ هي من تجعلنا دائمًا متأهبين لنيل الحياة الأبدية. كل من يبحث عن الجديد في الحياة الروحية لابد من يُميت ذاته عن الاهتمامات الأرضية، كل مؤمن حق يريد أن يلبس الجديد لابد من أن يبحث عن ذلك المسيح المصلوب على الصليب، ذلك الذي رفع من أجل النهوض من رقاد الأرضي والعبور إلى السماوي الأبدي.ضع دومًا بين عينيك وعلى شفتيك قول الربّ:” قد محوت كغيمٍ ذنوبك وكسحابةٍ خطاياك. أرجع إليّ لأني فديتك” ( أش 44 : 22 ) يدعونا الربّ إلى العودة إليه فبابه مفتوحٌ دومًا، لا يهم ما فعلت بقدر ما هو مهم عودتك بقلب تائب وعبورك من الذي كنت فيه إلى حياة القداسة التي يتمناها الربّ لكل سالكي طرقه. صليب المسيح كل عام يرفع من أجل أن يعلم جميع المؤمنين أن أبن الإنسان قد جاء طالبًا خلاص كل ما يهلك فلنتمسك به من أجل نيل الأبدية.