في اليوم العالمي لمُناهضة عُقوبة الإعدام
“عدل ورحمة”: لإلغاء الإعدام من النُّصوص والعُقول… ومواجهة العُنف بثقافة الحياة
بعقليني: لنعالج الجريمة من جُذورها… لا عبر القتل باسم القانون
في اليوم العالمي لمُناهضة عُقوبة الإعدام (١٠ تشرين الأول)، دعت “جمعية عدل ورحمة” في بيان إلى إلغاء هذه العُقوبة الجائرة من القوانين اللبنانيَّة، ومن الثقافة المُجتمعية السائدة، مؤكدة أن الحقّ في الحياة أساسي ولا يجوز المساس به تحت أي ظرف.
شدد البيان على “ضرورة الحِفاظ على كرامة الإنسان، وحقّه في الحياة من دون تعرُّضِه لأي شكل من أشكال التعذيب، أو القهر أو الإذلال”، معتبرًا أن “استمرار وجود عُقوبة الإعدام، حتى لو لم تُنفّذ، يعبّر عن قبول ضمني بثقافة العُنف والانتقام، التي تتنافى مع أبسط مبادئ حُقوق الإنسان”.
توقَّف البيان عند ضرورة “العمل الجاد لإلغاء هذه العُقوبة، بدءًا من الوعي الفردي والجمعي، خاصة في عُقول بعض فئات المُجتمع اللبناني، وصولًا إلى تعديل النُّصوص القانونيَّة والتشريعات التي تنصُّ على الإعدام كأحد أشكال العُقوبة”. كذلك طالب الجمعيَّات الحُقوقيَّة والمدنيَّة بـ “مُتابعة النضال، ومُمارسة الضَّغط على مجلِس النوَّاب لتبنّي مشروع قانون يُلغي هذه العُقوبة بشكل نهائي من المنظومة القانونيَّة اللبنانيَّة”.
بعقليني
في المناسبة، اعتبر رئيس الجمعية الأب الدكتور نجيب بعقليني أن “هذا اليوم العالمي يشكّل فُرصة للتأمُّل والوقوف بجديَّة أمام واقِع حُقوق الإنسان، ولا سيما ظاهرة التعذيب النفسي والجسدي التي تُمارس في السُّجون ومراكز الاحتجاز والتوقيف، في غياب رقابة فعَّالة ومُحاسبة جديَّة”.
أضاف: “رغم أن لبنان لم يشهد تنفيذًا فعليًا لعُقوبة الإعدام منذ سنوات، إلا أن بعض الأصوات لا تزال تنادي بها، متذرِّعة بالعدالة والرَّدع، لكنها في الواقع تروّج لمنطق الانتقام بدلًا من الإصلاح، وهو يتعارض مع روح العدالة الحقيقيَّة التي ترتكز على احترام الكرامة الإنسانية”.
أشار بعقليني إلى أن “المُجتمع العادِل لا يُبنى بالدم، بل بالتربية السليمة، وتعزيز ثقافة التسامُح، والعفو عند المقدرة، والعدالة التصالُحيَّة، فمواجهة الجريمة بالقتل هو منطق دموي لا يؤدي إلا إلى تكريس دوَّامة العُنف”
تطرّق بعقليني إلى ما سمّاه “الإعدام المُقنّع الذي هو أخطر من العُقوبة الرسميّة”، قائلاً: “للأسف، يمارِس بعض أصحاب السُّلطة والنفوذ، من سياسيين وأحزاب ونافذين اقتصاديّين، نوعًا آخر من الإعدام، من خلال سياسات الفقر، والتهميش، والفساد، والإهمال، والتضييق على الحريَّات. هؤلاء يحرِمون الإنسان من حُقوقِه الأساسيَّة ويقضون على كرامته ببُطء، وهو ما يمثل أحد أشكال الإعدام غير المُعلَن”.
تابع: “حين يُترَك المواطن فريسة للجوع، أو يُحرَم من التعليم والرِّعاية الصحيَّة، أو يُسجن ظلمًا بسبب قوانين جائرة أو فساد قضائي، فإننا أمام عمليات إعدام معنوي يجب التصدي لها”.
طالب بعقليني بـ”إصلاح القضاء اللبناني وتعزيز استقلاليته، وتطوير منظومة العُقوبات لتكون صارِمة وعادِلة ورادِعة، بعيدًا عن العُقوبات القاتلة التي تُنهي الحياة من دون أن تُصلح أو تُعيد التوازن للمجتمع”، مشددًا على أن “الإفلات من العِقاب في الجرائم الكُبرى، وغياب العدالة عن ملفات الفساد والاعتداءات على المال العام وحُقوق الإنسان، كل ذلك يُشجّع على الجريمة، وليس غياب عُقوبة الإعدام”.
ختم: “نطمح إلى بناء مُجتمع عادِل ينهضُ بالمحبَّة لا بالقصاص، تسوده المحبَّة والتكافُل، ويعلو فيه صوتُ المُسامحة على نداء الانتقام، ويتجاوزُ منطق القوة والتسلّط. بالحياة لا بالموت، نبني إنسانًا حرًّا، ومجتمعًا أكثر إنسانية”.