الفاتيكان، الخميس 28 يناير 2010 (Zenit.org). – لقد خلق الله البشرية ليتحد بها باتحاد وزواج صوفي. هذه الفكرة تشكل خيطًا يربط سفر التكوين بسفر الرؤيا، مرورًا بالأنبياء، وبالكتب الحكمية وعلى رأسها نشيد الأناشيد. يمكننا أن نلخص تاريخ العهد القديم كدينامية جهد الله لكي يتحد بعروسته البشرية بعد فقدانها لكرامتها كعروسة حرة وسقوطها في عبودية الخطيئة المتمثلة بالأنانية ورفض الحب المحيي.
بحسب فكر افرام، الخدر الختني معدّ منذ بدء الخليقة، والهدف من كل تاريخ الخلاص هو إعادة إلباس آدم ثوب المجد الذي خسره مع الخطيئة. سنبرهن في وقت لاحق أن “ثوب المجد” بالنسبة لافرام ما هو إلا “ثياب العرس”. فثياب العرس التي فقدها الإنسان بين أشجار عدن أعادها عري العريس الحق، يسوع المسيح، على الصليب.
بالطريقة عينها، تشكل الشريعة نوعًا من “عهد خَتْنيّ”. الشريعة هي “حفل عرس نقي”. يقول افرام في أناشيد القيامة: “أقيم حفل عرس نقي في الصحراء ونصب الخدر الختني على جبل سيناء. نزل الرب وأخذ خطّيبة هي ابنة ابراهيم، صديقه الحبيب” (أناشيد القيامة 3، 1 – 2).
ولكن هذه العروسة ستخون الرب عند عتبة الخدر، والرب سيخطب ابنتها (في إشارة إلى إسرائيل بعد السبي على الأرجح). ولكن الابنة أيضًا سترفض عريسها خلال حفلة عرس نيسان (أي عيد الفصح الذي صلب فيه يسوع)، ولذا فالرب سيطلقها ويختار عروسة الأمم.
العرس هو خبرة تقليد ملكي في الطقس السرياني الأنطاكي، ولهذا يرتدي العروسان خلال الاحتفال بالزواج التيجان الملوكية. ونرى لهذا التقليد القديم أصداءً في تسمية العرس في اللغة العامية في لبنان مثلاً، وفي اسم رتبة الزواج بحسب الكتب الطقسية (رتبة الإكليل)، التي هي مرادف لكلمة “تتويج”. في هذا الإطار يتحدث افرام عن سيخارة (وهي الموضع الذي التقى فيه يسوع بالسامرية، وحيث آمنت به هذه المرأة والكثير من أهل السامرة) كتصوير مسبق للكنيسة التي هي عكس صهيون التي رفضت الرب. في هذا الإطار يستعين افرام بالسجع السرياني ليقيم ربطًا لاهوتيًا لافتًا: “مباركة أنت، أيتها العروس المكللة (كَلْتُا و مْكَلَلْتُا) التي جاءها العريس الذي رفضته صهيون” (أناشيد في البتولية 19، 2).
لهذا، كملخص لمبادرة الله في العهد القديم يمكننا أن نقول أن سعي الله على مدى تاريخ العهد القديم هو إرجاع البشرية الحبيبة إلى خدر المحبة. هذه الأمانة التي هي أقوى من الموت، موت الخطيئة تقف عاجزة أمام حرية الخطّيبة الرافضة لأن الحب لا يجتاح الإرادة بل يجوهرها. ولكن رفض الخطيئة لا يطفئ حب الله الذي يعبّر عن أمانته للبشرية باختياره لعروسة الأمم.
(يتبع)