روحانية فصحية للعمل الرعائي اليوم (3)

2. 2. من “كاهن” إلى “كاهن رعائيّ”

Share this Entry

بقلم الأب د. سميح رعد

        روما، الثلاثاء 28 أغسطس 2012 (ZENIT.org). – إنّ روحانيّة كاهن الرّعيّة تختلف كلّ الاختلاف بين الماضي القريب والزمن الحاضر. كاهن الرّعيّة في الماضي القريب هو من تخرّج من “دير”، أو ذلك الذي درس عند المطران وسامه… فكلمة إكليريكيّة لم تكن موجودة على الأفواه، لا أذكر أن عائلتي مثلاً استعملت كلمة “إكليريكيّة”، بل كانت تقول إني أتيت من “الدير” أو عائد إلى “الدير”. أي في ذهنيتنا التقليدية الكاهن والراهب حالة واحدة، يتنشّأ فيها طالب الكهنوت في مكان واحد هو “الدير”، باستثناء طالب الكهنوت المتزوّج الذي كان يتنشّأ على يد المطران مباشرة أو من ينوبه في المطرانيّة أو في مكان آخر.

        ما ينتج عن ذلك أنّ طالب الكهنوت العازب يدخل الإكليريكيّة، وفي ذهنيته متناقضين: يدخل “الدير” الذي من المفترض أن يكون ذات طابع ولون روحانيّ خاصّ، وفي الوقت عينه قاصدًا أن يكون كاهن رعيّة. هذه الحالة ينتج عنها، بطريقة واعية أو لا واعية، حالة تفتيش دائم عن هُوِيَّة، لأن الإكليريكيّة التي تنشأ كهنة رعاية لا تملك هُوِيَّة روحانية خاصّة بها. أذكر هنا تمامًا في السنوات الأربعة الأولى من تنشئتي كم كان همّ رئيس الإكليريكيّة أن “يخلق” لنا فكرة روحانيّة كاهن الرّعيّة، إن من خلال درسنا المطوّل للمقطع الإنجيليّ “الراعي الصالح” أو من خلال القرار في “حياة الكهنة وخدمتهم االراعويّة” “Presbyterorum Ordinis”، أو من الرسالة البابويّة للبابا يوحنا بولس الثاني: “أعطيكم رعاة”. مع ذلك، لا أدري كم نجحنا في تكوين صورة عن هُوِيَّة خاصّة لكاهن الرّعيّة ولروحانيته!

        وربّما التنشئة الحاليّة لم تصل بعد إلى صياغة صورة متكاملة عن هُوِيَّة كاهن الرّعيّة وروحانيّته، فهي في صيرورة نحو التشكّل في كنائسنا الشرقيَّة. ولكن هناك حاجة ملحَّة للإجابة على أسئلة جوهرية وشرعيّة بهدف إيجاد شرعيّة لهويته الخاصّة.

        لا أصرخ صرخة نبوية، أعرف تمام المعرفة أن كلّ القيمين على التنشئة الكهنوتيّة يعرفون هذه المشكلة في جوهرها أكثر منيّ. فإذن ليس المطلوب اليوم حلاًّ عجائبيًّا، بل المطلوب خلق وتيرة عمل جديدة، ليست تعويضية، بل أصلية نابعة من لب كهنوت المسيح كونه هو الراعي الصالح.

        هذا الكلام يسمح لنا البحث أن نميِّز من جديد خاصيَّة “هُوِيَّة كاهن الرّعيّة” من هُوِيَّة “الكاهن”، وبالتالي التميِّيز بين خدمة الرّعيّة كما كانت عليه في الماضي، والخدمة الكهنوتيّة الرعائية الحالية، ومحاولة استشراف الخدم المستقبليّة. هذا مع تأكيدي على طلب سماع صوت المؤمنين اليوم، فالله يتكلم فيهم، كونهم بعمادهم أنبياء يستطيعون مع الرعاة قراءة إرادة الله في حياة الكنيسة اليوم، وكونهم المخدومين الأوَّل من كاهن الرعيّة.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير