المسيح قام!

نعايد اليوم أخوتنا الأرثوذكس بعيد القيامة وصلاتنا ترتفع الى الله لنكون كما أرادنا واحدا فيه ولنكون كنيسة واحدة، وعلى أمل أن نعيد في السنوات القادمة معا.

إن فترة الخمسين يوما بعد القيامة تكاد أن تنتهي، فالأربعاء القادم نودع الفصح ويوم الخميس نحتفل بعيد الصعود الإلهي.

وفي هذا الأحد الأخير من الزمن الفصحي قرأت الكنيسة على مسامعنا حادثة شفاء الرجل الذي ولد أعمى وأبصر النور. والإنجيل يتحدث عن النور الذي تمتع به الأعمى عندما بدأ يبصر.

هذا الأعمى يشبه كل واحد منا. لماذا يا ترى نولد عميان؟ لأننا نولد بدون نور، نولد من لحم ودم، نولد من التراب ونعود إلى التراب. كثيرون منا يعيشون دون أن يعرفوا النور، نور الحياة، لأننا نعيش لنفسنا. هذا يجعلنا نشبه الأعمى لأننا نعيش في الليل ونلتمس النور.

يسوع المسيح هو الطريق والحق والحياة. أتى إلى العالم. يأتي إلينا، يأتي إلى كل بيت وكل عائلة، يأتي إلى شوارع العالم. ولماذا يأتي؟ ليعطينا النور، ليفتح قلبنا ليساعدنا على اكتشاف الحقيقة. وماذا يريد منا؟ يريد أن يخلصنا ويشركنا في حياته الأبدية.

التلاميذ سألوا يسوع: "من خطئ، هو أم أبواه، حتى ولد أعمى؟ كان اليهود يظنون أن المصائب والعاهات والكوارث تأتي من الله وهي عقاب الخطيئة! كثيرون منا ما زالوا يظنون ذلك!.. الله محبة والمحبة لا تعرف إلا أن تبني .. المحبة لا تضرب ولا تؤذي ولا تدمر. المحبة تعطي النور والحياة.

يقول الإنجيل أن يسوع رأى الأعمى! يسوع يرانا أيضا. ليس كما نراه نحن العميان، يرانا ويحبنا لأنه خلقنا وصيرنا بالمعمودية أبناء النور، صرنا مستنيرين لأننا لبسناه.. أعطانا بالمعمودية روح الحق، يعني أعطانا النعمة لنميز النور عن الظلام

علينا أن نفهم أنه لا يمكننا أن نعبر إلى النور إلا إذا عرفنا الحق! والمسيح هو الحق

عالمنا اليوم أعمى، لا يرى إلى أين يذهب، التعصب الديني والحزبي، الانحرافات، المصالح الشخصية، ثقافة تدمير الآخر، اطلاق الإشاعات المغرضة، حب السلطة.. أمراض تجعلنا عميانا جالسين على قارعة الطريق، نصرخ ولا نريد أن نسمع صوت يسوع، صوت الحق والانفتاح والمحبة..

نحن الذين نعرف يسوع ولو قليلا! لا يمكن أن نكون مكتفي الأيدي لأننا نوجد بالمسيح نعرف مثل هذا الأعمى أن يسوع يمر قربنا، نعرف كيف نسمع وقع قدميه! كيف نستقبله، كيف نردد يا يسوع يا ابن الله ارحمني "كيريالايصون"، يا رب ارحم.

حتى نحصل على النور يجب أن يكون عندنا إيمان، هو لا يفرض علينا الإيمان يريدنا أن نعبر، أن نصرخ ونصلي، أن نكون فقراء ومتشوقين لحضوره. "كما يشتاق الإيل إلى مجاري المياه هكذا تشتاق نفسي إليك يا ألله"

قوة الإيمان هي أيضا ولادة جديدة. نفهم آنذاك سؤال يسوع للأعمى: "هل تؤمن بابن الله" وأجابه الأعمى: "أنا أومن يا رب وسجد له". نحن أيضا على مثال الأعمى خلاصنا يتجدد في كل مرة نجدد إيماننا.

هذا الإنجيل يدعونا لنكون مستنيرين، قد يكون الإنسان مسيحيا لكنه يبقى أعمى، لأنه لم يعرف أن يحافظ على المسيح ولأنه لم يعرف أن يكون مسيحيا. لذلك اعلن يسوع مرارا بأنه نور العالم (يوحنا8/12) وهو خبز الحياة (يوحنا6/35) وهو ماء الحياة (يوحنا4/10) فالنور والحياة هما في المسيح فمن كان في المسيح كانت فيه المحبة وكان هو بدوره نورا للآخرين