في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا فرنسيس يتحدّث عن عمل الروح القدس في حياة الكنيسة

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أود اليوم أن أتأمل حول عمل الروح القدس في قيادة الكنيسة وكلّ منا نحو الحقيقة. فيسوع نفسه يقول لتلاميذه أن الروح القدس “سيرشدكم إلى الحق كلّه” (يوحنا 16، 13) على كونه “روح الحق” (راجع يوحنا 14، 17؛ 15، 26؛ 16، 13). نحن نعيش في مرحلة من التشكيك بالحقيقة. وقد تحدث بندكتس السادس عشر مرات عديدة عن النسبيّة، أي عن النزعة بالاعتقاد أنه ما من شيء نهائي   وبالتفكير بأن الحقيقة تُعطى بواسطة الإجماع أو من خلال ما نريده. وهنا يأتي السؤال: هل “الحقيقة” موجودة فعليًّا؟ ما هي “الحقيقة”؟ هل يمكننا معرفتها؟ هل يمكننا إيجادها؟ أضاف البابا يقول: يعود إلى ذهني سؤال الحاكم الروماني بيلاطس البنطي عندما كشف له يسوع عن معنى رسالته العميق: “ما هو الحق؟” (يوحنا 18، 38). لم يفهم بيلاطس أن “الحقيقة” ماثلة أمامه، ولم يستطع أن يرى في يسوع وجه الحقيقة، أي وجه الله. ومع ذلك فيسوع هو “الحق” الذي “صار بشرًا” (يوحنا 1، 14) في ملء الأزمنة وأقام بيننا لنعرفه. فالحقيقة ليست شيئًا نمسك به أو نمتلكه وإنما هي لقاء بشخص.

Share this Entry

تابع البابا يقول: من يعرفنا بأن يسوع هو “كلمة” الحق، ابن الله الآب الوحيد؟ يعلمنا القديس بولس أنه “لا يستطيع أحدٌ أن يقول: “يسوع ربٌّ”، إلا بإلهام من الروح القدس” (1 قور 12، 3). إن الروح القدس عينه، عطيّة المسيح القائم من الموت، هو الذي يعلمنا الحق، ويسوع يدعوه “البارقليط” أي “الذي يأتي لمعونتنا”، فهو إلى جانبنا ليعضدنا في مسيرة المعرفة هذه، وخلال العشاء الأخير، يطمئن يسوع تلاميذه قائلاً أن الروح القدس سيعلمهم كل شيء ويذكرهم بجميع ما قاله لهم (راجع يوحنا 14، 26).

ما هو إذًا عمل الروح القدس في حياتنا وفي حياة الكنيسة ليقودنا نحو الحق؟ تابع البابا يقول، أولاً هو يذكّر ويطبع في قلوب المؤمنين كلمات يسوع التي من خلالها تُطبع شريعة الله في قلبنا وتصبح فينا مبدأ تقييم للخيارات ومرشدًا في أعمالنا اليومية، أي تصبح مبدأ حياة. فتتحقق نبوءة حزقيال: “وأرش عليكم ماءً طاهرًا، فتطهرون من كلّ نجاستكم، وأطهركم من جميع قذارتكم. وأعطيكم قلبًا جديدًا وأجعل في أحشائكم روحًا جديدًا، وأنزع من لحمكم قلب الحجر، وأعطيكم قلبًا من لحم، وأجعل روحي في أحشائكم وأجعلكم تسيرون على فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها” (حزقيال 36، 25- 27).

أضاف الأب الأقدس يقول: إن الروح القدس، أيضًا، كما وعدنا يسوع، يرشدنا “إلى الحق كلّه” (يوحنا 16، 13)، فهو لا يقودنا فقط للقاء بيسوع، ملء الحق، وإنما يرشدنا إلى “قلب” الحقيقة، أي يدخلنا في شركة أعمق مع يسوع نفسه ويعطينا الفهم لأمور الله. يعلمنا التقليد الكنسي أن روح الحق يعمل في قلوبنا ويثير فيها “ذوق الإيمان” الذي من خلاله وكما يؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني، وتحت قيادة السلطة التعليمية المقدسة، “يتمسك شعب الله تمسكاً متيناً بالإيمان الذي سُلِّم نهائياً إلى القديسين ( راجع يه 3 )، ويتعمق في فهمه تعمقاً متزايداً، إذ يفكر فيه تفكيراً قويماً ويعمل به في حياته بالتمام” (نور الأمم عدد 12).

تابع البابا فرنسيس يقول: لنتأمل بمريم، هي التي “كانت تحفظ جميع هذه الأمور وتتأملها في قلبها” (لوقا 2، 19. 51). فلكي يصبح قبول كلمات وحقائق الإيمان حياةً يجب أن تتحقق وتنمو بفعل الروح القدس، وبهذا المعنى علينا أن نتعلم من مريم كيف نعيش الـ “نعم” التي قالتها وجهوزيتها الكاملة لقبول ابن الله في حياتها. بواسطة الروح القدس يسكن الآب والابن فينا فنحيا بالله ومنه، ولكن هل الله هو المحرّك الحقيقيّ لحياتنا؟

ختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، نحن بحاجة لأن نمتلئ من نور الروح القدس لكي يدخلنا في حقيقة الله رب حياتنا الأوحد. وفي سنة الإيمان هذه، لنسأل أنفسنا ما هي الخطوات التي نقوم بها لكي يوجّه الإيمان كياننا بأكمله. لا يمكننا أن نكون مسيحيين “لفترات معيّنة” أو في بعض المناسبات، نحن مسيحيون في كلّ وقت، وحقيقة المسيح التي يعلمنا إياها الروح القدس ويعطيها لنا هي مهمة لحياتنا اليومية. فلنطلب إذا نعمة الروح القدس ليقودنا على درب التتلمذ للمسيح.

Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير