عقد قبل ظهر اليوم، الأمين العام للقاء مسيحي المشرق، المطران سمير مظلوم، مؤتمراً صحافياً، أعلن خلاله عن التحضيرات لعقد المؤتمر الأول العام لمسيحيي المشرق في25- 26-27 تشرين الأول 2013، في “المركز العالمي لحوار الحضارات- لقاء”، الربوة، مجمّع البطريرك غريغوريوس الثالث، المتن، لبنان، لدراسة أوضاع المسيحيين في مختلف بلدان هذه المنطقة “.
شارك في المؤتمر المطران بولس يوستينوس سفر، مطران السريان الأرثوذكس في زحلة والبقاع، مديرالمركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم ، ورئيس جبهة الحرية الدكتور فؤاد أبو ناضر، وحضره: مدير البرامج في إذاعة “صوت المحبة” الأب جان عقيقي، الرئيس الأقليمي لرهبنة الفادي الأقدس الأب أيلي صادر، أمين السرّ التنفيذي للقاء الأستاذ فادي حايك، رئيس الرابطة السريانية الأستاذ حبيب فرام، وعدد كبير من أعضاء اللقاء والإعلاميين والمهتمين.
بداية رحب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور وقال: “يأتي هذا المؤتمر في وقتٍ ينتظر فيه المسيحيون الدور الذي يجب أن يلعبوه في ظل المتغيرات التي حصلت في بعض بلدان الشرق الأوسط”، متسائلاً “هل الأنظمة الجديدة ستعزّز روح المواطنة بحيث يشعر كل إنسان أنه مواطنٌ في بلده يتمتع بحقوقه ويقوم بواجباته، بغض النظر عن لونه وعرقه ودينه؟”
ورأى أن “موضوع هجرة المسيحيين يبقى الأهم، إذ ليس على المسيحيين أن يستقيلوا من دورهم الرسالي في هذا الشرق الذي كانت منه إنطلاقة المسيحية إلى العالم كله؟“
وختم بالقول: ” “ما هو دور الكنيسة في هذا المجال؟ الجواب في الإرشاد الرسولي “شركة وشهادة” الذي سلمنا إياه الحبر الروماني بندكتوس السادس عشر في أيلول الماضي، ليكون أداة عمل لكل مؤمن ومؤمنة”.
ثم كانت كلمة المطران مظلوم فقال: “نلتقي وإياكم في هذا النهار، غداة عيد العنصرة بحسب الروزنامة الغربية، وغداة عيد القيامة بحسب الروزنامة الشرقية، ولكن أعيادنا هذه السنة ترافقها مسحة من الحزن والقلق والخوف ، بسبب ما يجري عندنا وحولنا من حروب وقتل ودمار، ومن تهجير وعنف وعدم احترام أبسط حقوق الإنسان”.
تابع: “ويؤلمنا بصورة خاصة حدث اختطاف اخوينا في الأسقفية المطران بولس اليازجي والمطران يوحنا ابراهيم، اللذين حرما من فرحة الإحتفال مع أبناء أبرشيتيهما بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات، وما زالا مجهولي المصير. إننا إذ نستنكر أشدّ الإستنكار هذا التعدي على راعيين جليلين من رعاة الكنيسة، كرّسا حياتهما لخدمة الإنسان ونشر السلام والإلفة بين الناس من مختلف الأديان والإنتماءات، نسأل الله أن ينير عقول المسؤولين ويليّن قلوبهم كي يبذلوا كل جهودهم لأجل إطلاق سراح المطرانين، وإعادتهما سالمين الى ذويهما وأبناء كنيستيهما”.
أضاف: “في هذا الحدث نموذجا مما عاناه في التاريخ ويعانيه اليوم في مختلف بلدان هذه المنطقة من العالم، الأقليات الإتنية والدينية، ولا سيما المسيحيون المشرقيون الذين هم أبناء هذه المنطقة الأصيلون، ومن بناة حضاراتها وتألقها عبر العصور، والذين يرون وجودهم ودورهم يتقلصان ويصبحان مهددين بالزوال. وقد وعت الكنيسة أهمية الحفاظ على هذا الوجود الفاعل، وواجب الشهادة لإيمانها بالمسيح الفادي، فأطلقت عدة مبادرات في السنوات الأخيرة، ولا سيما عقد دورة خاصة لسينودس الأساقفة لأجل مسيحيي الشرق الأوسط، وزيارة قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر الى لبنان، وتوقيعه الإرشاد الرسولي بعنوان ” الكنيسة في الشرق الأوسط : شركة وشهادة “، وتسليمه للكنيسة في هذه المنطقة للعمل بموجبه”.
تابع: “وكما تعلمون، منذ ثلاث سنوات قام ممثلو البطاركة ورؤوساء الكنائس المشرقية، بالتعاون مع عدد من العلمانيين والإكليريكيين المعنيين بالوجود المسيحي المشرقي، بإنشاء “لقاء مسيحيي المشرق“، وحددوا أهدافه في الوثيقة التأسيسية، وخلال هذه السنوات الثلاث، إنكب أعضاء اللقاء على دراسة وضع المسيحيين المشرقيين في العراق، سوريا، الأردن، فلسطين، مصر ولبنان”. وبعد مباحثاتٍ ولقاءاتٍ عديدة برزت الضرورة للقيام بعملٍ جامعٍ يهدف إلى تعزيز الوجود المسيحي المشرقي، والى تمكين أهلنا في مختلف دول المشرق من الثبات في ديارهم، ومتابعة المشاركة الفعالة في حياة هذه البلدان الإجتماعية، الثقافية، الاقتصادية والسياسية”.
تابع: “إننا إذ ننظر إلى ما يجري من حولنا من تدميرٍ وخرابٍ وقتلٍ وتشريد، من وحشيةٍ في التعامل بين الإنسان وأخيه الإنسان، من كبت وظلم يواجههما ظلمٌ وكبتٌ أكبر، نشعر أن من واجبنا، حفاظاً على إنسانية الانسان، وحفاظاً على الحضارة المشرقية المشتركة التي بنيناها على مدى العصور نحن المسيحيون مع أخوانٍ لنا مسلمين، نرى من واجبنا القيام بهذا العمل الجامع”.
أضاف: “إن المدعوين للمشاركة في هذا المؤتمر هم رجال علم ورجال فكر من مختلف دول المشرق، ومن المشرقيين المقيمين في بلاد الانتشار. وسوف يعقد هذا المؤتمر بمباركة ومشاركة رؤساء كنائسنا المشرقية”. و”يهدف المؤتمر إلى وضع الأسس لجهد مشترك بين المجتمع المدني والمؤسسات الكنسية، لدرء الأخطار المميتة التي تحدق بالمسيحية المشرقية خصوصا، وبالمجتمعات المشرقية عموما”.
ورأى أنه “يجب ألاّ ننسى أن المسيحيين كانوا، وعلى مدّ العصور، ملائكة هذا الشرق، يبثون فيه روح المحبة
والغفران، ويعملون من أجل حرية الإنسان وينتجون العلم والفكر والحضارة”. و”علينا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن نكون مصدر الحكمة، والمنارة الساطعة التي ترشد مجتمعاتنا المشرقية إلى غدٍ آمن”.
تابع: “وإذ ندعو إلى هذا المؤتمر، لا يغيب عن بالنا أن مجتمعنا المشرقي مهد الديانات السماوية على اختلافها واختلاف مذاهبها، لكنها بالنهاية كلها موجودة لتمجيد الخالق تعالى ولخدمة الانسان في حياته الدنيوية”.
,أمل بأن “يكون المؤتمر حافزاً لمؤتمرات لاحقة يشترك فيها ممثلون عن باقي الديانات المشرقية فنبحث فيها معاً، وبهدوء، مستقبل مجتمعنا المشرقي”.
وجواباً على سؤال عن تهجير المسيحيين في الشرق وطلب الكنيسة من السفارات عدم إعطاء فيزا ((Visa أجاب مظلوم: الكنيسة لم تطلب من السفارات عدم إعطاء تأشيرات دخول فهم ينظمون الهجرة بقدر ما يحتاجون”. . “أما بالنسبة للمسيحيين في المشرق، نحن نمر بمرحلة صعبة ولكن خلال تاريخنا كان هناك مراحل أصعب بكثير مما نمر به اليوم، صار في حروب، اضطهاد للمسيحيين، آلاف المسيحيين ذبحوا مباشرة، ومع ذلك بقينا في وطننا، ويجب علينا البقاء. فهذا الشرق هو بلدنا والله وضعنا لأنه عندنا “رسالة” وهو يريد منا شيء، وبالرغم من كل الصعوبات علينا أن نصمد ونثبت ولنساعد المسيحيين على الصمود، و العمل على تحريك الرأي العام والضغط على الدول للتخفيف من هذا الضغط، والقيام بمشاريع معينة تساعد مادياً أو معنوياً أو روحياً المسيحيين في كل بلد من البلدان”.
وبدوره المطران سفر قال: هذا اللقاء لا يمثل الكنائس وإن كنا حاضرين وإنما أكثر ما يمثل الفعاليات المدنيّة والعلمانية المسيحية الموجودة في هذا الواقع المشرقي. اليوم ليس فقط الكنيسة عليها أن تتحرك، وهذا أكيد من واجباتها ولكن المجتمع المدني والمنظمات والحركات المدنية المسيحية أيضاً لها دورها في تحديد مستقبلها وتوعية الناس”.
ورأى “أن اليوم أي حراك يبدأ من توعية، يبدأ من وضع المشاكل، وضع الخطط السياسية الاقتصادية على الورق لتعطي نتيحة، فليس هناك عصا سحرية في يد مؤتمر أو لقاء أو كنيسة، ويجب أن يكون هناك محاولات وخاصة في بلد مثل لبنان المسيحيين عندهم ملء الحرية وباستطاعتهم إيصال الصوت المسيحي المشرقي لكل هذا العالم”.
وختم المؤتمر مع الدكتور فؤاء أبو ناضر فقال: ” يهمنا أيضاً أن يصبح لدينا هوية مسيحية مشرقية موجودة عندنا كلنا، فإذا كان هناك مشكلة مع الأقباط في مصرمثلاً نتركهم يحلوا مشكلتهم، أو الكلدان في العراق، او مشكلة خطف المطرانين في سوريا اليوم. نحن هدفنا اليوم أن يخلق هذا التجمع حقيقةً وعي مسيحي مشرقي موحد، نفكر كلنا سوية يتفكير واحد وقلب واحد “.