وصل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي الى روما بعد جولة راعوية في اميركا اللاتينية شملت الارجنتين، الاورغواي، البرازيل، الباراغواي، فنزويلا، كوستاريكا وكولومبيا، والتقى خلالها كبار المسؤولين المدنيين والكنسيين وسمع منهم الثناء والتنويه بما قدّمته الجاليات اللبنانية لبلدانهم من مساهمات جلّة على كافة الاصعدة وخصوصًا الاقتصادية والثقافية والسياسية. والتقى غبطته ابناء الجالية اللبنانية والرعايا المارونية واستمع لمشاكلهم وهمومهم، كما كانت له لقاءات مماثلة مع كهنة الابرشيات في الانتشار بحضور أساقفتها الذين عقدوا برئاسة البطريرك مؤتمرهم الدوري لدراسة اوضاع موارنة الانتشار وتحديات خدمتهم الراعوية. وقد جرت خلال الجولة عدة اتفاقات راعوية شملت إنشاء رعايا مارونية جديدة كما كرس غبطته اكثر من كنيسة وكابيلا مارونية فيما بارك ووضع حجر الأساس لأخرى جديدة، اضافة الى رعاية توقيع اتفاقية مع الأرشيف الوطني في ريو دي جانيرو للحصول على وثائق اللبنانيين الذين وصلوا الى البرازيل في الفترة الممتدة ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وذلك بالتعاون بين ابرشية البرازيل والمؤسسة المارونية للانتشار. وكانت لغبطته زيارات لمعظم المؤسسات والجمعيات المارونية واللبنانية واطّلع على أوضاعها واعدًا بالمساعدة في تأمين جماعات رهبانية لبنانية ترعى بعض المراكز الاجتماعية وتديرها فضلاً عن القيام بالخدمة الراعوية. وانطلاقًا من شعار “الشركة والمحبة” كان للزيارة أيضًا طابع كنسي ومسكوني ومشرقي تمثّل بزيارة الكردينال الراعي الى معظم الكنائس والمطرانيات الكاثوليكية والارثوذكسية الشرقية من مختلف الطوائف، حيث اقيمت صلوات مشتركة على نية السلام في الشرق الاوسط وعلى نية اطلاق سراح المطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم. وبروح الشراكة الوطنية وتعميق الحوار بين الاديان زار نيافته المراكز والمؤسسات الدينية الآسلامية وكانت له استقبالات حاشدة وحفلات تكريمية وحوارات مفتوحة مع كل من الجاليات السنّية والشيعية والدرزية، وقد أجمعت كلمات الترحيب خلالها على نبذ العنف والحرب ورفض كل اشكال التطرّف والارهاب واعتبار الاسلام براء منها لا بل هي مرفوضة منه وتمثل له العداء.
في مطار روما الدولي كان في استقبال البطريرك الراعي كل من سفير لبنان لدى الكرسي الرسولي جورج خوري، سفير لبنان لدى ايطاليا شربل اسطفان، الوكيل البطريركي لدى الفاتيكان المطران فرنسوا عيد ونائبه المونسنيور طوني جبران، رئيس عام الرهبانية المارونية المريمية الاباتي بطرس طربيه، رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي طنوس نعمه، القنصل كريم خليل، القنصل البير سماحة، رؤساء الوكالات الرهبانية في روما الآباء : سليم الرجي، الياس جمهوري، الاب ماجد مارون رئيس دير الرهبانية الأنطونية، الاب انطونيوس شويفاتي المرسل اللبناني والاب فرنسوا نصر الراهب المريمي اضافة على عدد من الكهنة والرهبان ومن ابناء الجالية اللبنانية. ومن المطار توجه الجميع الى كنيسة مار مارون في المدرسة المارونية حيث اقيم لغبطته استقبال شارك فيه المطران شربل مرعي راعي ابرشية الارجنتين، الاب ايلي ماضي رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة، كهنة المدرسة وآباء الرهبانيات المارونية والاخوة الدارسين في الرهبانية المريمية وعدد من ابناء الرعية المارونية. وفي الكنيسة رفع البطريرك الراعي صلاة الشكر وألقى كلمة تحدث فيها عن جولته الراعوية في اميركا اللاتينية، وقال: ” نشكر الله على الزيارة التي قمنا بها الى اميركا اللاتينية، ونشكره على كل ما قمنا به ورأيناه وعلى اللبنانيين عامة والموارنة خاصة وقد تعلّمنا منهم الكثير، كم تعبوا وكم ضحوا لكي يصلوا الى ما وصلوا اليه في كل القطاعات التجارية والصناعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وقد شعرنا اننا بحاجة كاكليروس ان نضحي أيضًا مع شعبنا ونمشي معه الى الامام بكنيسة تتحرك وتتقدم كما يقول قداسة البابا فرنسيس. وتنتقل من الكنيسة الجالسة الى الكنيسة المرسلة. وانا سعيد لأنني رأيت كيف ان ابناء جاليتنا يرفعون رأسنا وجبين لبنان عاليًا. وانا اقول ان كل التكريم الذي كنا نحظى به اكان عند رؤساء الجمهوريات والمسؤولين ام عند السلطة الكنسيةكان بفضل الجالية اللبنانية المحترمة من قبل الجميع. واضاف غبطته: معكم نحمل في صلاتنا شعبنا المنتشر في كل العالم من جهة وشعبنا المقيم في لبنان والشرق الاوسط. اننا نشعر اليوم اكثر من اي وقت مضى كم ان الشرق بحاجة الى الحضور المسيحي الفاعل والملتزم، الى انجيل السلام في زمن لا يتكلمون فيه الا عن الحرب، انجيل الحقيقة حيث هناك الكثير من الكذب، انجيل العدالة حيث يكثر الظلم، انجيل الحياة ضد الموت، انجيل المصالحة حيث كثرت النزاعات، اليوم اكثر من اي وقت مدعوة كنائسنا ومؤمنيها الى صيانة حضورهم وتعزيزه لكي تستمر في اعطاء الماويّة لكنائس الانتشار ولكي تحقق مشروع الرب عليها. وختم غبطته بالصلاة على نية الموارنة بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان التي رافقتهم وترافقهم اينما حلّوا.