في السابع والعشرين من شهر أيار سنة 2013، عقد أصحاب السيادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلي الطوبى، ومشاركة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، والرؤساء العامّين للرهبانيات المارونية، واستضافة الكردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية. وتدارسوا شؤونًا كنسية ووطنية، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. هنّأ الآباءُ صاحبَ الغبطة بالعودة من زيارته الرسمية إلى فرنسا وجولته الراعوية في عددٍ من بلدان أميركا الجنوبية، التي تَفقَّد خلالها أبناءَ كنيستنا المارونية في الأبرشيات والرعايا المارونية، مشدِّدًا أمامهم على الثبات في الإيمان والتواصل الدائم مع الكنيسة الأمّ ومع البطريركية، والتقى اللبنانيّين من مختلف الطوائف وحثَّهم على التمسّك بهويتِهم وتقاليدهم لإغناء مجتمعاتِهم بها، مثلما يُغنونها بمساهمتهم التجارية والاقتصادية والإنمائية والسياسية، وداعياً إيّاهم إلى تسجيل وقوعاتهم الشخصية، من ولاداتٍ وزواجات، في قيود النفوس اللبنانية، للمحافظةِ على الجنسية اللبنانية وسائرِ الحقوقِ المدنية في الوطن الأمّ.
2. يُكرّر الآباءُ استنكارهم خطفَ سيادة المطرانَين الجليلَين بولس اليازجي مطران حلب والاسكندرون للروم الأرثوذكس، ويوحنا ابراهيم مطران حلب للسريان الأرثوذكس، والأبويَن ميشال كَيّال وإسحق محفوض، معتبرين أنَّ خطفَهم، وخطف أيِّ شخصٍ آخر، يشكّل تعدّياً فاضحاً على العيش معاً بسلام وعلى كرامة الإنسان وأبسط حقوقه، ويبعث على القلق من تطوّر الصراع في سوريا وما سيؤول إليه في المستقبل، خصوصًا أنه تمَّ التعرض لمقامات روحية لها تاريخها في العمل على نشر المحبة والإلفة والأخوّة بين أبناء الوطن الواحد. وهم يطالبون المعنيّين والدول القادرة بالإفراج عنهم وعن سواهم من المخطوفين الأبرياء. ويكرّرون الدعوة إلى وقف دوّامة العنف والإجرام في سوريا، وإيجادِ الحلولِ السلمية للنزاع بالحوار والمفاوضات، مطالبين الأسرة الدولية المساهمة في هذا المسعى.
3. يتابعُ الآباءُ بقلق تطوّر الأحداث الأمنية على الحدود السورية وفي الداخل اللبناني، وخصوصًا في طرابلس وصيدا، مع ما يرافقها من تشنّج ودعوات الى الثأر والإنتقام لم يألفْها لبنان، ومن مشاركة مباشرة في صراعات الداخل السوري من أي جهة أتت. وهم يعتبرون ما يحدث خروجًا صريحًا على الميثاق الوطني، وعلى إعلان بعبدا الموافَق عليه من المكوِّنات اللبنانية المعنيّة، ونيلاً واضحًا من سيادة الدولة اللبنانية وسياستها الرسمية. ولذلك هم يناشدون الأطراف جميعًا، وخصوصًا المسؤولين في ما بينهم، أن يلتزموا بمواطنيتهم اللبنانية ومسؤولياتهم الدستورية الممنوحة لهم، والتي لا يجوز استخدامها إلاّ لخير البلاد وصون أمنها ورقيها .
4 . يرى الآباء أمام العجز السياسي الذي يصيب البلاد ضرورة التوصل إلى قانون للإنتخاب يكون على قياس الوطن، لا على قياس التكتّلات والمصالح الفئوية، ويحترم التنوع القائم في المجتمع اللبناني، من خلال تأمين التمثيل الصحيح لكل مكوناته، وتحقيق العدالة والمساواة، وتطبيق الدستور اللبناني الذي يضمن المناصفة ويعزز العيش المشترك، ويقرّ إجراء الإنتخابات في مواعيدها الدستورية. وإنّهم يُطالبون بعدم إقرار أي تمديد للمجلس النيابي، أو تحديد أي موعد للانتخابات، قبل أن يعمل هذا المجلس على إقرار قانون جديد لها.
5. يطالب الآباء المسؤولين السياسيين بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة تتحمّل مسؤولياتها الدستورية وتؤمّن مصالح المواطنين وتسهر على أمنهم وسلامتهم في هذه الظروف المصيرية.
6. يوجه الآباء نداء الى كل الأحزاب والتجمعات السياسية، لكي يكفّوا عن حملات التجريح والتخوين، وهذه لغة لا تساهم إلاّ في إثارة الأحقاد الدفينة، وتستحضر ماضيًا حمل المآسي والويلات، وأساء الى دور لبنان ورسالته الحضارية.
7. في ختام الشهر المريمي، ومع زمن العنصرة يدعو الآباء أبناءهم وبناتهم الى مشاركتهم الصلاة سائلين الله، بشفاعة العذراء مريم سيدة لبنان، أن يبارك هذا الوطن وشعبه، وأن يمنح الجميع الحكمة فيجعلوا من المحن والتحديات سبيلاً لبناء لبنان الجديد بحسب إرادته تعالى. كما يطلبون مرافقتهم بالصلاة خلال انعقاد السينودس السنوي، فتأتي ثماره وافرة بوحي الروح القدس وبشفاعة قديسينا.