وعدد غبطته اسباب العنف والهجرة والاصولية وعدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الشرق الاوسط، وتداعيات النزاع الاسرائيلي – العربي والاسرائيلي – الفلسطيني على المنطقة عامة وعلى المسيحيين خاصة معتبرًا ان الدول العربية بحاجة الى ديمقراطية واصلاحات شرط الا تنحرف المطالبات بها عن مسارها الحقيقي فتؤدي الى تنامي الأصوليات والفوضى وهجرة المزيد من المسيحيين، الذين ان غابوا عن الشرق فقد الشرق خصوصيته وتميّزه وتراجع فيه الاعتدال الاسلامي.
واضاف: “المسيحيون هم سكان اصيلون في هذا الشرق واصليون وليسوا اقلية فهم لا يقاسون بالعدد بل بحضورهم الفاعل والتاريخي الذي يعود الى أكثر من الفي سنة، وجودهم في هذا الشرق هو في صلب ايمانهم، لهم حقوق المواطنة وليسوا بحاجة الى حماية احد فالمواطنة تحميهم ومن يريد ان يدعمهم عليه ان يوقف تغذية العنف وارسال الأسلحة الى الشرق.
بعدها التقى البطريرك الراعي عددا من الصحافيين والاعلاميين البولنديين واجاب على اسئلتهم. مشددًا على اهمية الدور المسيحي كصمام امان للشرق، والنموذج اللبناني كدولة عربية فريدة بديمقراطيتها وتعايشها مع مختلف الأديان بمحبة وتفاهم لكن السياسات الغربية والتدخلات الخارجية هي التي تعكر هذا التعايش من وقت الى آخر.
وتابع غبطته: “يمكن دعم مسيحيي الشرق من خلال احترام التعددية والمساواة والحرية والديمقراطية وخصوصية الطوائف وبالاحتكام الى النصوص الدولية للمحافظة على حقوق المواطنين ومن خلال عدم تهميش المسيحيين او تغذية الأصولية.”
وكانت الندوة المخصصة حول المسيحيين في الشرق الاوسط قد بدأت صباحًا بكلمة للكردينال نيتش رحب فيها بغبطته متوقفًا عند اهمية زيارته الى بولندا وكلامه في هذا الوقت الدقيق عن الحضور المسيحي في الشرق الاوسط امام المسؤولين السياسيين البولنديين وامام السلك الدبلوماسي في وارسو. بعد ذلك توالى على الكلام كل من البروفسور جوزف ناموريز الذي تحدث عن جذور الكنيسة المسيحية في الشرق والسفير البولندي السابق في سوريا ميشال موزوكوستشسكي الذي تكلم عن الدور المسيحي الفاعل في سوريا، والدكتورة مرتا وفنيزك التي تطرقت الى اهمية الحوار الاسلامي المسيحي، والبروفسور كريسكوف كوشيلنياك الذي تحدث عن مسيحية لبنان كضمانة للوجود المسيحي في الشرق، والصحافي جورج بولاك الذي القى مداخلة عن الطوباوي يوحنا بولس الثاني وعلاقته بالكنيسة في الشرق.
وبعد الظهر زار الكردينال الراعي، يرافقه الكردينال نيتش، السفارة البابوية في وارسو حيث التقى السفير البابوي المطران شيليستينو ميليوري وعرض معه لعمل الدبلوماسية الفاتيكانية في ظل الاوضاع الحالية في الشرق الاوسط والدفع بعملية السلام.
ثم زار نيافته بازيليك العناية الالهية التي تشيّد في وسط العاصمة لتكون مزارًا روحيًا وطنيًا وعالميًا ومحجّا للمؤمنين الذين يودّون التبرك من ذخيرة الطوباوي البابا يوحنا بولس الثاني الموضوعة في داخل البازيليك. وامام الذخيرة رفع البطريرك الراعي الصلاة على نيّة السلام في لبنان الذي احبّه الطوباوي وحمله في قلبه طوال مدة حبريته. وفي ساحة البازيليك الكبرى كانت تجري الاستعدادات للاحتفال الكبير الذي كان سيحتفل به غبطته يوم السبت المقبل لولا تقليص ايام زيارته من سبعة الى ثلاثة بسبب الاوضاع الراهنة في لبنان.
ومساء اقام السفير اللبناني في بولندا ميشال كاترا حفل استقبال على شرف البطريرك بحضور الكاردينال نيتش وعدد من الشخصيات الديبلوماسية والدينية. القى السفير كاترا كلمة ترحيبية عبر فيها عن سعادته بزيارة صاحب الغبطة الضيف غير الاعتيادي لما يحمله من بعد نظر وعمق تفكير. ورد البطريرك بكلمة شكر ضمّنها تفسيرًا للنسيج اللبناني والنظام الديمقراطي فيه، موجهًا من البيت اللبناني في وارسو تحية الى رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، وتحية اخرى الى رئيس الجمهورية البولندية. ثم كانت كلمة للكاردينال نيتش الذي تحدث عن العلاقة المميزة التي كانت تربط الطوباوي يوحنا بولس الثاني بلبنان معتبرًا ان العلاقة بين الكنيسة والدولة في لبنان هي نموذجية بالنسبة لبلدان الشرق الأوسط، والبابا بندكتوس السادس عشر الذي كان يرى ان الكنيسة هي ذات طابع عالمي وهذا ما عبر عنه خلال حفل تنصيب البطريرك الراعي كاردينالاً لذا يجب تغيير نظرتنا للشرق.