كلمة شوك في العبرية (וקוץ فكوتس) بمعنى وَخَزَات الشوك، وهي التي كُلل بها مخلصنا وصار لعنة لأجلنا… حَمَلَه على رأسه وهو رجل الأوجاع ومختبر الحزن… إنه إكليل شوك مضفور من ذاك الشوك والحَسَك الذي نبت لسبب لعنة آدم، قد تكلل به على جبينه ليتوَّج ملكا على عرش خشبة صليبه.. شوكًا من العليقة الشوكية وضعوه على رأس ملك الكل؛ وألبسوه ثوب الأرجوان؛ وقصبة في يمينه؛ فَسَالَ دمُه مخلوطًا بعَرَقه ليشفي فساد العالم كله.. ومنذُ أنْ وَضَعُوا على رأسِهِ إكليلَ الشوكِ، وهوَ لا يزالُ على رأسِهِ، يؤلمُهُ ويؤلِمُ كُلَّ الجسدِ، (كنيسته) في رحلة غُربتها في برية هذا العالم.
حَتَّىَ بعدَ أنْ ماتَ وقامَ، لا زالَ إكليلُ الشوكِ يؤلمُهُ معَ جسدِهِ. وكثيرونَ أخذوا دورَ الأشواكِ فى ذلكَ الإكليلِ، ولا يريدونَ أنْ يَنْتَزِعُوا مِنْ على رأسِهِ، كما نُزِعَ عنهُ إكليلُ الشوكِ بالموتِ والقيامةِ.
وهذه الأشواكُ، بينها الكبيرُ والصغيرُ. وَهِيَ لا تزالُ أشواكًا تؤلمُهُ وتؤلمُ الجميعَ، أعضاءَ جسدِهِ، الكنيسةَ. لا تزالُ الأشواكُ هى الأكثرُ أَلَمًا، فمن آلامه نبع الخلاص وانعدام الموت، ومن قبره خرجت الحياة الخلاصية، شافيًا جراحات السقوط، منيرًا الخلود بسر صليبه..
تكلل بإكليل الشوك على رأسه ليُظهر سقوط سطوة إبليس وجبروته، عندما سحق رأسه إلى الأبد، وأصبحنا نتحارب مع عدو مهزوم، والغلبة لحسابنا.. لبس إكليل الشوك ليمسح اللعنة التي حملتها أرضنا بعد سقوط آدم الأول، ولتمحو أوجاع شهواتنا الأرضية الردية، وتجعلنا ندوس على كل الأسباب التي تسُوقنا إلى الخطية حركاتها ومجسَّاتها وملامسها، فتملك علينا حرية مجدك يا ملك خلاصنا ومنشئ الكون الجديد، يامن جردت الرئاسات والسلاطين جهارا؛ ظافرًا بهم في موقعة صليب فدائك الثمين.
فاِجعلني الآن يامخلصي قيروانيًا جديدًا أحملُ صليبك وأتبعُك، وأعتبرُ إكليل شوكك كنزي؛ وحلاوتي وشكري؛ واقبلني إليك كما قبلت اللص اليمين والقيرواني وأصحاب الساعة الحادية عشر، والمجد لآلامك المخلصة المحيية يامخلص كل أحد من الملتجئين إليك .