Marriage

Pixabay CC0

3 أفكار روحيّة تساعد الأزواج في اختبار فرح حمل نير المسيح في واقع حياتهم الأسريّة

تأملات من وحي إنجيل متى 11: 25- 30  

Share this Entry

يضعنا نص إنجيل القديس متى 11: 25- 30،  أمام رغبة يسوع في خلاص الإنسان، يشبّه نفسه تارة بالمعلّم وطورا بطريقة خفيّة بالفلاّح الذي يريد الدخول، لا الى أرض من تراب، بل الى جبلة التراب، أي الى أرض العقل وأرض القلب وأرض الإرادة، الهدف غرس بذار الحياة الإلهية في واقع الأزواج، يتحقق ثمراَ على صعيد الشخص والعائلة والجماعة (راجع، عب10: 24).  ولكي تنجح الحياة الروحية في مسيرة الأزواج، يلقى على هؤلاء حمل نير المسيح والإنقياد بهدي الروح القدس.

  1. النير والعقل والشريك

إن تبادل الرضى الزوجيّ في رتبة الزواج، يدخل الأزواج في مسؤوليّة حمل نير الرب، وهذا بالطبع لا يتحقق بين ليلة وضحاها، إنها حياة متواصلة لا تعرف التوقف أو التراجع، يلزمها نعمة خاصة من لدن الله وتعاوناً من قبل الأزواج (راجع، أف6: 6؛ 1كور16: 10)، نعمة يتشارك فيها الأزواج على مدى الحياة، في سبيل العمل “معا ولأجل الآخرّ” للوصل الى حبّ حقيقيّ واقعي منزّه عن الأوهام والأحلام الواهية، قوام هذا الحب هو المحبة في الحقيقة، الذي بفضلها يتحرر العقل من المفهوم الخاطىء للحب، لاسيّما  خدعة الحب الرومنسيّ المبني على “الأنانية” أي  “أحب ذاتي في الآخر، لأجلي ذاتي وليس لأجل ذاته”[1]، فالزواج ليس حفلة رومانسيّة تنتهي بانتهاء المشاعر والعواطف، بل إ مسيرة حياة متواصلة وغير متقطّعة، صيرورة في تاريخ لا يوقفها إلا الموت[2]. وضمن هذه المسيرة يلقى على الأزواج العمل مع المسيح وفيه وبه بقبول الإختلافات التي تأخذ بالظهور رويدا رويدا “زوجي/ زوجتي الذي/ التي كنت أحسبه/ها إنساناً/ة مثاليًّا/ة، أراه/ها الآن على حقيقته/ها لديه/ها قدرات محدودة، وأحيانا كثيرة أتفاجأ من ردات فعله/ها وطريقة تصرفاته/ها، وأسأل نفسي هل كان خياري صحيحا؟”!! نعم، على العقل ان يتنقى من الصور المسبقة التي وضعت على الآخر، بهدف إكتشاف سرّ حقيقة الشخص كما هو ومحبته دون رياء أو تصنع أو شعور بالندم، مسيرة العقل هو النضوج، أي الإنتقال من حالة المراهقة الى حالة الإستقامة، وهذا يتطلب جهدا وتعاونا من قبل الأزواج. فمن المجحف أن يحمّل الآخر احمالاً بالكاد يستطيع الشريك الآخر أن يحملها لوحده. عندما يتبنى الأزواج  نير الحقيقة الموضوعية التي هي للشخص، عندها يتحوّل الثقل الى خفّة والتعب الى راحة[3]، فيعذب الفكر ويتحرّر من أوهام الأفلام وخرافات المسلسلات والقصص الرومانسيّة، والمظاهر الخدّاعة.    

  1. النير والقلب

في رتبة الزواج يتقدّس الحبّ الزوجيّ ويرفعه الله الى درجة القداسة، وهذه الحقيقة اللاهوتية عليها أن تتجسّد بشكل عمليّ في واقع الحياة الزوجيّة، التنقية القلبيّة إحدى تطبيقاتها، فهمي تساعد القلب في تنظيم المشاعر المتبعثرة والأهواء والشهوات والميول والرغبات والأحلام والتمنيات والمشاريع، لتصبح كلّها خاضعة تحت نظام المحبة في الحقيقة، فيتعلّم من خلالها الأزواج ممارسة “الوداعة والعطف والليونة والمرونة والمغفرة والعذوبة والراحة والتعزية والمشاركة مع الآخر، والإحترام، وعدم استعمال الشخص كشيء أو لذة” (راجع، مت 11: 29) إنها مقومات أساسيّة بإمكانها أن تنجح مسيرة تنقية القلب، مما تسهم في حياة الأزواج برؤية الله المحبة في واقع حياتهم الزوجيّة، رؤية تتجلّى  في : التضحية والعطاء والبذل والحياة والإنجاب والتربية والتحرر من القساوة ومحاربة كل ما يخالف قيم سرّ الزواج المقدّس (راجع، مت19: 3- 6)، أن نير القلب هو الإنتظام في المحبّة وبقدر ما ينتظم بالقدر عينه يختبر معنى الحبّ الحقيقي والواقعي.     

  1. النير والإرادة والإنضباط

الحب ليس فقط الإحساس والمشاعر، بل هو إرادة تتجلى في الواقع. فدور الإرادة هو تظهير الحب علانية من خلال وحدة الثنائيّ المختلف فــ”… ذاتي وذاتك تشكلان معا وحدة أخلاقيّة تبرز من خلال الإتحاد الصادق[4]. فالحب إذا، هو فعل إتحاد إرادي وحر ومسؤول ينشد دوما الإتحاد بالآخر والثقة به والإلتزام به مدى الحياة من خلال مؤسسة الزواج، فلكي يحقق تمظهر الحب الحقيقي، على الأزواج إلزام إرادتهم الحرّة بإرادة المعلّم الإلهي، تنطلق من تحرير الإرادة من ميوعة وخنوعة الأفكار وضغط المجتمع (راجع، مت 11: 28)، وهذا ضروري للنمو في الحب، أما عندما يرفض  الأزواج حمل نير الرب، فإرادتهم تبقى رهينة الوقوع في تجربة الإنسياق الى فهم الحب فهما خاطئاً مما تفتح الطريق واسعاً “أمام الحب الآثم”[5] الذي يحوّل الآخر إلى اداة ومنفعة ولذة[6]. إن الثنائي الناجح هو من أراد طوعا وقرر أن يسخّر كل طاقاته وإمكاناته في إنجاح نظام المحبة، أي بحمل نير إرادة المسيح في الحياة الزوجيّة، إرادة تبغي أولا وآخرا، تحقيق مشيئة الآب، والإنضباط  تحت نظام الروح القدس، أي بعيش القداسة وبحمل مشقات الحياة الزوجية بفرح ورجاء.

خلاصة

تعلّمنا الخبرة، بان الحياة الزوجية ليست بنزهة سياحية، أو حالة رومانسية أو لحظة جميلة وتنتهي. بل إنها حالة  تتطلبّ مثابرة وإلتزام، تلزم الأزواج في حمل نير الربّ، بانضباط وإخلاص ووعي، بهدف النمو والتكامل والإنسجام بين الذات والآخ
ر، والإتحاد بالله المحبّة. القديسون، هم نجاح ثقافة حمل نير المسيح في الحياة الزوجيّة.

 


[1]Denis Sonet, Réussir notre couple, p100

[2]Pape François, La Charité. L’amour chrétien est concret, p121- 122

[3]Yves Semen, La préparation au marriage, p265-268

[4] – كارول فوجيتلا، حبّ ومسؤولية، ص 74

[5] – المرجع ذاته، ص 151

[6] – المرجع ذاته، ص 152 

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير