طرحت إحدى الأخوات هذا التصريح ، سأضعه كما هو وأعطي جوابــــا مبسّطا عالطاير …
انا ما بتناول لانه بشوف بحالي شخص ما بستحق جسد ربنا يدخل لجسمه انا وكثيرين على الارض صح فيه سر الاعتراف الي بخلينا نكون طاهرين ونتناول بس بعده بنرجع بنخطيء وننجس هالجسد العظيم داخلنا ..جسد ربنا بتعرف شو يعني جسد الخالق عندك وبدك تتناوله! ربنا ليش اوجد جسده ؟ لحتى يغير العالم ولحتى يخلينا نكون قديسين ادا احنا ضلينا خطاة وتناولنا جسده ورجعنا اخطاءنا اذًا جسد ربنا بطال وخبز عادي ما عمل تغير ولا غير هالبشر ولا محى الخطيئة هدف ربنا من تناول جسده ان نكون اطهار لحتى نستحقه لهيك ما رح اتناول الا لاكون مستحقه هاالجسد حتى لو بموت بدون ما اتناول احسن من اني أهين واذل جسد ربنا..
… في الواقع ، الموضوع يرجع لك ِ أختي العزيزة في أن تتناولي جسد الربّ أم لا تتناوليه لحين ما تكوني طاهرة ( 100 %) ! لك الحريّة في أن تقرّري (لكن : حذار ! ) ، أنت لست ِ حرّة في أن ترفضي ما وهبه لك ِ ربنا كــ ” هدية مجانية ” دليل محبّة عظيمة لا محدودة . المنطق واضح : هل تقدرين أن تقولي مثلا : أنا سوف لن أشرب ماءً ، أو آكل الطعام ، إلاّ إن أستحققتُ ذلك َ ؟! الماء ، الهواء ، نعمة الأكل ، هي عطايا مجانيّة من الله ، بالعاميّة نقول ” بلاش ” ، وهبها الله للإنسانية جمعاء . الصالح والطالح يأكُل طعامًا ، ويشربُ ماءً ، ويتنفس الهواء . كما يقول الربّ ” إن أباكُم يُشرق شمسه على الأخيار والأبرار … ” . هذا منطق الأمر . نحنُ لا نستحقّ شيئا أبدًا ، كلّنا لسنا مستحقين . لكنّ الله هو المبادر في كلّ شيء ، هو الذي أحبّنا أولا وأنعمَ علينا نعمًا وعطايا مجانيّة ، النعمة تسبق الإستحقاق . فلا يقول لنا الله : كن مستحقـــــًا ، كُن ” إنسانا جيّدا ” وسترى نِعَمي ومغفرتي ” … صراحة ، هذا ليس نوع الإله (إن أردنا أن نطلق كلمة ” نوع ” ) الذي نؤمن به والذي كشفه لنا يسوع الناصريّ .
إلهنا إله المجانيّة ” بلاش ” ، إلهٌ لا نفعيّ . لا يلاحقنا على خطيئة وزلّة . إنه غفورٌ رحيم . إلهُنا الحنون ، إلهُ المحبّة الكاملة التي لا تعرف مصلحة ولا مساومة ولا منافع . وإن سألنا : لماذا يُحبّ ؟ الجواب : لأنه محبّة فلا جواب سوى أنه محبّة وعطاء بلا حدود . هذا الأمر غريبٌ علينا لأننا نتصوّر المحبّة كحبّ البشر (مقابل ومساومة ) ، فلا نتصوّر حبٌّ مجانيّ ” بلاش ” . ولهذا ، نعكسُ تصوّراتنا عن المحبّة على الله .
بالنسبة إلى موضوع الإستحقاق في تناول جسد الربّ ، فلا أحد منا يستحقّ ” كلنا خطأة وأعوزنا مجد الله ” يقول الإنجيل . إن كان الإنسان أخطأ وخان عهد الله ، إلا أن الله بيسوع المسيح قد حافظ على أمانة عهده وعلى برّه ، وصالحَ العالم مع نفسه بدافع من “محض محبّته ” . برّ الله ليس موزّعــــًا بحسب الإستحقاق ، فيكافيء الصالحين ويعاقب الخطأة . الأمر الأول والأساسيّ الذي تؤكده العقيدة الكاثوليكيّة استنادا إلى شهادة الكتاب المقدّس يتعلق بالإستحالة المطلقة لأن يخلّص الإنسان نفسَه بنفسه ، وبالضرورة المطلقة للخلاص بيسوع المسيح . النعمة ، كما ذكرت ، تسبقُ دومًا معرفة الإنسان وإرادته وترافقهما . ” هذه القدرة (النعمة) تسبقُ دومًا أعمالهم ، وترافقهما ، وتتبعُها ، وبدونها لا يمكنهم على الإطلاق أن يُرضوا الله أو أن يكون لأعمالهم أيّ استحقاق ” (دنتسنغر 1546) . ويقول أساقفة ألمانيا في هذا الشأن : ” إنّ النعمة التي تعمل في إسهام عملنا ومن خلاله ليست واقعًا جامدا صلبًا ، بل هي أمرٌ متحرّك بل مأساويّ . فالتبريرُ يُعطى مرّة واحدة وهو عطاءٌ نهائيّ ، ولكنه يُطلِق مسيرة تقديس تدوم مدى الحياة ” .
الحياة المسيحيّة كلّها جهادٌ على الخطيئة وتوبة دائمة ؛ وهي بحاجة مستمرّة إلى التجدد والتعمّق . ويقول التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة ( 2007) : ” ليس من إستحقاق للإنسان تجاه الربّ بمقتضى حقّ بالمعنى الحصريّ ، فالتفاوت بينه وبيننا لا قياسَ له ، لأننا قد نلنا كلّ شيء منه ، هو خالقنا ” …. ” استحقاق الإنسان عند الله ، في الحياة المسيحيّة ، يتأتى من تدبير الله الحرّ أن يُشرك الإنسان في عمل النعمة ” ( 2008) . القديسون أيضا ، كانوا يعون دومًا وعيا شديدا أنّ استحقاقاتهم هي ” نعمةٌ محض ” .
لكن ، لا بدّ هنا من كلمة مهمّة : من له خطايا مميتة ، فلا يمكنه أن يتناول جسد الربّ إلاّ إن ، كما تعلّم الكنيسة ، كفّر وقام بتعويضات معيّنة ، واعترف أمام الكاهن بخطاياه لينال الحلّة . لكن ، تبقى ” نعمة ومحبة الله المجانيّة للإنسان ” هي الآولى في كلّ شيء وتسبقُ عمل واستحقاق الإنسان . لأنّ كلّ ما هو موجودٌ هديّة مجانيّة بمحبّة من الله . فنحن لا نرفضُ الهدية المقدّمة من أحد أصدقائنا ونقول له : نحن لا نستحقّ الهديّة . الهدية المقدّمة لنا هي تعبيرٌ محبّة وإهتمام وتقدير . فكيف وإن كانت الهدية هي ” الله ذاته في جسد ودم ابنه ” ، إن القربان المقدّس هو كلمة الله ” يسوع المسيح ذاته ” ، " فهكذا أحبّ الله العالم حتى انه بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كلّ من يؤمن به …. ” . فتصريحك أختي الفاضلة يحتاجُ لتأمّل أكثر وعدم تسرّع ووضع الأنا مكان الله في تقرير المصير . فمصيرُنا هو الربّ .