القديس يوحنا بولس الثاني معركته في الدفاع عن الحياة البشرية داخل الأمم المتحدة

شجاعة الحقيقة والحوار

Share this Entry

فلنتعرف على رأي القديس البابا يوحنا بولس الثاني، حول المؤتمر الدولي الذي عقد في القاهرة، وما تضمنه من مواقف ولقاءات أجراها البابا القديس مع العديد من الشخصيات الرسميّة، كان هدفها اتخاذ موقف حازم تجاه هذا المؤتمر. 

  1. سنة الأسرة 1994

  شرعت الأمم المتحدة في سنة 1994 بتخصيص سنة كاملة بعنوان “سنة العائلة” يتم  فيها حول طبيعة العائلة والتمدد السكاني، فتختتم بمؤتمر عالمي مكانه القاهرة،  لكن المؤتمر كان يبغي الترويج الى أيديولوجيّة تتعلّق بشكل أساسيّ في حرية الإجهاض وممارسة وسائل منع الحمل، والضغط على الدول النامية ودول العالم الثالث بتبني سياسة تحديد النسل. فتمّ تأليف لجنة من عدة دول، تعمل على وضع مسودة عمل، تعالج مسألة الإنماء البشريّ وكيفيّة حلّ معضلة تزايد عدد السكان، وكان ذلك في شهر أيلول من سنة 1994. لكن التقارير التي وصلت الى البابا، كانت تنذر بمخاطر كبيرة، مما استدعت منه رداً مباشرا وحازماً، والسبب: هو  أن  اللجنة  المؤلّفة متأثرة بالفكر الليبرالي الأمريكي، الذي حاول أن يمرر قرارا يرمي الى تبني “الحق في حرية ممارسة الإجهاض”.

  1. البابا ونافيس صادق الباكستانيّة

 استقبلها البابا في الفاتيكان في 18 آذار 1994، نافيس هي عضو في اللجنة التحضيريّة لمؤتمر القاهرة، فدار النقاش بينهما حول مسألة الحياة والإجهاض.  فقال لها البابا القديس مستنكرا :”  إذا هي سنة العائلة… ولكنني على ما أعتقد سيدتي، هي بالحري سنة القضاء على العائلة“. فما كان على الطبيبة صادق، أن تعمل في تبرير وجهة نظرها التي تقول بأن المرأة تعاني كثيراً لاسيما مشقات الحبل الغير المرغوب فيه والفقر والبطالة إلخ. فكان رد البابا: “ثقفوا ثقفوا ثقفوا” فأجابته نافيس :”المساعدة، والعناية، وتخفيف المعاناة”. أي المساعدة في تحديد النسل عبر استعمال وسائل منع الحمل والوسائل المجهضة واللجوء الى الإجهاض. 

أدرك البابا أن مؤتمر القاهرة، سيذهب بهذا الإتجاه أي تبني الإجهاض. فكتب رسالة  الى رؤساء العالم أجمع، شدد  فيها على ضرورة احترام الحكومات  والأسرة الدوليّة لمبدأ احترام الحياة البشرية من المهد حتى اللحد، فتزامنت الرسالة مع دعوت جميع سفراء دولة الفاتيكان في العالم بعقد لقاء مع البابا القديس في روما يوم 25 آذار، ، وذلك ضمن مهلة لا تتعدى الأسبوع. حض البابا السفراء، بضرورة نقل وجهة نظر الكنيسة الكاثولكيّة للحكومات الكاثوليكية، في  مسألة دعم  الحياة ومناهضة الإجهاض، وشجب أي قرار سيصدر عن مؤتمر القاهرة يهدد حياة الإنسان.  

  1. البابا والمجتمع الإسلامي

ففي الثامن من حزيران في السنة عينها، دعا البابا ممثلي الدول والمنظمات الإسلاميّة، الى لقاء عقده في روما، وضعهم القديس، حول الأمور التي تحدث في أزقة مؤتمر القاهرة، فخرج المجتمعون بقرار موحّد أدانوا فيه “الفردانية المتذمّتة والمحرّضة” التي بإمكانها أن تدمر المجتمع وتشوّه الأخلاق، وتحض على ممارسة الفجور وضياع القيم الأدبيّة.

  1. البابا يدين مؤتمر القاهرة

“نحن نعترض، إذ لا يمكننا المضي قدما بمشروع يفضي بشكل منهجي الى قتل الأطفال قبل أن يولدوا” البابا القديس. وفي زيارة رعوية الى مدينة روما، قال البابا للمؤمنين:” أنا عائد الى الفاتيكان من أجل صدّ مشروع الأمم المتّحدة الذي يريد أن يدمّر العائلة. فما أردده بسيط جدّاً : لا، لا! أعيدوا التفكير في مشروعكم! توبوا! فإذا كنتم من الأمم المتّحدة، فلا يمكنكم إذاً أن تبنوا أمجادكم على الهدم”.

البابا والولايات المتّحدة الأمريكية

 وفي 2 حزيران كان له لقاء مع بيل كلينتون رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة، لكن اللقاء كان قصيرا، يقول البابا :” كلينتون هو الرئيس الذي لم يفلح النقاش معه…” فأمريكا كانت من البلدان الأولى والراعية لفكرة الإجهاض وحرية ممارسة وسائل الحمل، وهذا ظهر من خلال جماعات pro-choice  في الولايات المتّحدة الأمريكية  وIHG  في فرنسا عمدوا هؤلاء الى الترويج لمقررات مؤتمر القاهرة، من خلال حملات أعلامية منظّمة، هدفت الى خلق رأي عام مؤيد لذهنية تحديد النسل ومن بينها اللجوء الى الإجهاض.

وبالرغم من الضغوط الدولية على البلدان الضعيفة ، كان لبنان من الدول التي لم توقع على معظم مقرارات المؤتمر، وذلك بفضل تركيبته السياسية والدينية وعلاقته المميزة مع الفاتيكان.

والسؤال الذي نطرحه في ختام هذه المقالة: هل إن جزاء لبنان وتحديدا المسيحيين بعدم انتخاب رئيس لهم، يعود الى ضغوط دوليّة، تريد أن تأتي برئيس يؤيد فكرة الإجهاض والزواج المدني وحرية ممارسة الجنس واستعمال حرّ لوسائل منع الحمل، وتشريع المثليّة الجنسيّة ولاسيما الزواج المثلي، وخاصة بأن يكون من المناهضين لدور الفاتيكان في الأمم المتّحدة ومن جماعة الذين يريدون تغيير شرعة حقوق الإنسان الأصليّة بأضافة الحريّة المثليّة والزواج المثلي والإجهاض؟ هل يريد هذا الرئيس ان يحقق رغبة الدول الكبرى بعزل الكنيسة المحلية في لبنان، بسجنها في قفص المعابد وإقصائها عن الحياة العامة؟     

    يتبع… 

Share this Entry

الخوري جان بول الخوري

1

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير