Saint Monica. Ubi tu

Robert Cheaib - flickr.com/theologhia

حلم القديسة مونيكا بشأن ارتداد أغسطينوس

“حيث أنتِ، سيكون هو أيضًا”

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

أصعب ما قد يعيشه أب أو أم مؤمن هو عدم إيمان أو ضياع أولاده. فأعز ما على قلبه على الأرض يرفض أعز ما على قلبه في السماء. وهذا يمزق وجوده. فلتكن صلاة هذه المرأة التي عزاها الملاك بشأن إبنها تعزية وحافزًا لنا. عيد مبارك.    

* * *

 أما أنت يا رب فقد أرسلت لي معونتك من الأعالي وخلصت نفسي من تلك الهاوية العميقة لأن أمي المؤمنة بك كانت تبكي إليك من أجلي ، وكان بكاؤها يفوق بكاء الأم الثكلى علي فقد وحيدها … لقد كانت أمي مؤمنة بك وممتلئة من روحك القدوس ، فأدركت خطر الموت الذي كنت متمسكاً به ، وأنت يا رب قد استجبت لها ، ولم تهزأ بدموعها ، لأنها عندما كانت تصلي كانت تروي بدموعها أرض المكان الذي تصلي فيه.

     لقد استجبت لها يا رب ، وأريتها تلك الرؤيا التي عزيتها بها ، وعندما تعزت سمحت لي بأن أعيش معها ، وآكل علي مائدتها في ذلك المنزل الذي كانت قد بدأت في كراهيته كارهة معه تجديفي وضلالي … لقد كانت رؤيا أمي أنها وجدت نفسها جالسة علي قاعدة خشبية ثابتة فلم يلبث أن ظهر أمامها شاب مشرق بهيج يبتسم لها آخذاً في الاقتراب منها .

     لقد كانت نفسها مكتئبة غارقة في الأحزان ، حتى إذا ما سألها إنسان عن سبب حزنها ودموعها التي لا تنقطع ، كانت تجيب أنها تندب هلاكي ، أما هم فكانوا يعزونها ويقولون لها – وهم في غاية السرور – بأن تتأمل جيداً في رؤياها وكيف أنني كنت في المكان الذي هي كانت فيه ، وكيف أنها عندما تطلعت إليَ وجدتني واقفاً بجوارها ، في نفس النظام الذي كانت تقف هي فيه … من أين كانت لأمي هذه التعزيات إلا منك ، لأن أذنيك مالتا إلي قلبها حقاً ، لأنك صالح جداً وقادر علي كل شئ ، يا من تعتني بكل واحد منا كما لم يكن لك أحد آخر تعتني به غيره ، وتعتني بنا جميعاً كما لو كنا فرداً واحداً فقط .

 

     لقد أخبرتني أمي برؤياها فقلت لها ( إن تلك الرؤيا تعني أنه يجب عليها ألا تيأس من أن تكون ذات يوم حيث كنت أنا ) فلم تلبث أن أجابتني في الحال وبلا أدني تردد ( كلا إنني لم أُخبر بأنني سأكون حيث يكون هو ولكنني أُخبرت بأنه حيثما تكونين أنت سيكون هو أيضاً ) .

     أعترف لك يا رب علي قدر وعي ذاكرتي – وطالما تحدثت عن هذا – بأن إجابتك لأمي كانت في الوقت الذي كانت فيه مستيقظة ، حتى إنها لم ترتبك بتعليل تفسيري غير الصحيح ، وأبصرت سريعاً ما يجب رؤيته وما لم أفطن إليه قبل أن أتكلم معها حتى إنني تأثرت في ذلك الوقت بكلامها أكثر من الرؤيا نفسها ، تلك الرؤيا التي أفرحت أمي القديسة ، ولم يلبث فرحها أن صار كاملاً لأجل تعزية ألمها الذي ظل وقتاً طويلاً لأني ظللت بعد ذلك تسع سنوات كاملة متمرغاً في حمأة الهاوية العميقة ورغم إنني كثيراً ما حاولت أن أنهض ولكنني في كل مرة كنت ازداد هبوطاً إلي أغوار الأحزان وظلمة النفاق وكانت تلك الأرملة الوديعة التقية الوقورة التي أحببتها حزينة في كل حين من أجلي ولكنها لم تلبث أن صارت فرحة برجاء خلاصي مستقبلاً . وإن كان هذا لم يقلل من دموعها إذ لم تنقطع عن النواح إليك من أجلي فدخلت صلواتها إلي حضرتك ومع ذلك فقد سمحت لي بأن أكون محاطاً وغارقاً في بحار الظلمة.

 

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

ZENIT Staff

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير