في سنتها الخامسة والعشرين، أبت تيلي لوميار أن يمضي العام اليوبيليّ من دون أن تؤكّد الأسرة وحدتها والتفافها حول كلمة الرّبّ، خدمة للرّسالة الإعلاميّة المسيحيّة. لذا، نظّمت، ضمن احتفالاتها اليوبيليّة، أمسية أعلن فيها 27 فرداً من أسرتها تكريس ذواتهم طوعاً أعضاء ملتزمين ومساعدين في جماعة “رسل النّور المسكونيّة” لنشر بشارة الإنجيل عبر وسائل الإعلام والاتّصال الحديثة، عارضين الكلمة لا فارضينها، ومعارضين كلّ ما يخالف تعليم الكنيسة، ومعرضين عن كلّ ما يسيء إلى الحياة المسيحيّة وأخلاقيّاتها، مسلّمين بكلّ مسلَّماتها وثوابتها، ومسالمين الجميع بلا عنف ولا خوف، واقفين فكرهم وصوتهم وقلمهم وحياتهم كلّها لإعلان الحقيقة في خدمة كلّ إنسان وكلّ الإنسان، في كلّ آن ومكان.
التّكريس تمّ ببركة بطريرك الرّوم الملكيّين غريغوريوس الثّالث ممثَّلاً براعي أبرشيّة صيدا ودير القمر للرّوم الملكيّين المطران إيلي حدّاد، والبطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي ممثّلاً برئيس مجلس إدارة تيلي لوميار المطران رولان أبو جودة، في مركز اللّقاء في الرّبوة التّابع لبطريركيّة الرّوم الملكيّين، بحضور فعاليّات سياسيّة وديبلوماسيّة عسكريّة وروحيّة، ومشاركة أسرة تيلي لوميار ومجموعتها.
وبعد أن جدّد المكرّسون القدامى وعدهم، وأعلن الجدد تكريسهم ملتزمين ومساعدين في جماعة “رسل النّور المسكونيّة”، كانت كلمة لمدير عامّ تيلي لوميار جاك الكلّاسي، استهلّها بالحديث عن الواقع البشع والأليم الّذي يحيط العالم اليوم في ظلّ الأزمات والحروب والاضطهادات والفساد… وتوقّف عند الوجود المسيحيّ في الشّرق الّذي بحسب تعبيره “ليس حشوة ولا حاشية لأحد، فنحن ملح هذا الشّرق ونحن أعطينا ولا نزال نعطي الشّرق نكهته المميّزة. وفي عقيدتنا المسيحيّة، لدينا هدف واحد: أن نعيش المحبّة مع بعضنا، أي العيش المشترك الإجباريّ”.
وأكمل كلمته متحدّثاً عن الإعلام الّذي سيطرت عليه السّطحيّة، غير أنّ “أمراء الأرض اليوم: هم الإعلاميّون الشّرفاء، وأنتم منهم، فكلّ إعلاميّ شريف يزرع بمحطّته أو إذاعته أو مجلّته أو جريدته كلمة محبّة تأكّدوا أنّ الحصاد سيكون سلاماً.” وأطلق صرخة في المناسبة مطالباً بإعلام: “يفكّر بطريقة صحيحة وينقل الوقائع بدقّة، ويصير مستشفى روحيّاً لكلّ محبط ويائس ومعاق ومقعد وعاجز ومريض وحاقد ومضطهد ومرهق ومهجّر ومهاجر ومهان ومهمل… إعلام لا يفرض على الآخر ثقافته أو طريقة تفكيره أو قانونه الأخلاقيّ، إعلام يمدّ جسوراً مع الآخر، إعلام إنسانيّ… نريد نورسات بكلّ بلد في العالم؛ فنورسات فضائيّة البشرى السّارّة… تيلي لوميار وفضائيّتها هما لتأكيد أنّ الدّين وسيلة لصنع السّلام، وإن لم تكن الأديان للسّلام… فعلى الدّنيا السّلام.”
من جهته، أثنى المطران إيلي حدّاد على جهود تيلي لوميار: “شاشة معلّمة ومقدّسة فهي شاهدة. لقد مرّ 25 عامّاً على الشّهادة في هذا المحيط اللّبنانيّ والعربيّ المتنوّع ديناً وعقيدة. لا بل عبر العالم كلّه. جميل أن يرى الأخوة العرب تنوّعاً في مجتمعهم، وجميل أن يكتشف الغرب أن الشّرق ما زال ينعم بالقيم المجبولة بالدّين. جميلة شهادة الحياة الّتي تتحدّى الموت؛ فالمحطة تعيش بأعجوبة فلس الأرملة وشهادة رجل مستنير يعيش في الظّلام. ما أقوى الاختفاء إنّه جذّاب كالنّور وما أنفع التّواضع يوصلك إلى القيم.” وقد أعلن في كلمته تجديد البطريرك لحّام عهده مع هذه المحطّة الكريمة، وبدوره جدّد معه الوعود بالسّهر مع هذه الشّاشة وعليها “لتبقى ساطعة بالنّور، مشعّة بالمعرفة، حارّة بالقداسة، شاهدة للمسيح السّيّد الأوّل والأخير.”
بعد الكلمات، سهرت الأسرة ومَن عجّت بهم باحة مركز اللّقاء، على أنغام موسيقى الأوركسترا الهارمونيّة التّابعة لقوى الأمن الدّاخليّ بقيادة المقدّم د. زياد مراد، مستمتعين بباقة من التّرانيم الّتي سطع معها الإيمان عبر أصوات المرنّمين المشاركين، ومجموعة أغنيات وأناشيد وطنيّة رسّخت في البال سموّ ورقيّ لبنان وجيشه وشعبه.
وفي الختام، توّج الاحتفال بقطع قالب الحلوى وشرب نخب المناسبة.