نتابع مع مقالة الأب سمير خليل التي كنا قد بدأنا بعرض قسم منها يوم أمس واليوم وبعد أن تحدّث عن المال والشادور، يتطرّق في هذا القسم إلى السنّة والشيعة والهيمنة في العالم الإسلامي ويتابع ليقول: يوجد نوعان من الأصولية إنما الفارسية هي الأكثر انفتاحًا بين الاثنين.
ففي قُم مثلاً، توجد 40 مؤسسة مرتبطة بالمسجد إنما هي ليست منظمات دينية: إنها مؤسسات تساعد الصم أو المكفوفين، مؤسسات تقدّم الأدوية، تلفزيون للأطفال، مرصد فلكي في الجبل القريب؛ مكتبة للتاريخ والفلسفة… حتى إنني وجدت مرة إمامًا قال لي بإنه يقرأ كل يوم بعض الصفحات من “تاسوعات أفلوطين” بالنسخة العربية التي لا تزال تدعى حتى اليوم “لاهوت أرسطو”. هذا أمر مستحيل أن يحصل في العالم السنّي. فمنذ عهد الوهابي، كان يُحرق مثل هذه الكتب. لطالما كانت صوفية الإسلام تُضطهد بشكل مماثل: لا بدّ لنا أن نتذكّر ما حصل مع الحلاج في القرن التاسع: لقد صُلب بسبب أفكاره وكتاباته حين وصف اتحاده الروحي مع الله.
منذ سنوات عديدة، عام 2008، عقدنا أول منتدى كاثوليكي إسلامي في الفاتيكان. هناك التقيت بإمام كان يعلّم الفلسفة. تناقشنا في الجلسة الأخيرة عن طالب جامعي في باريس نشر سؤالاً على موقع islam.org طالبًا المساعدة في إعداد أطروحته حول إبن سيناء (980 – 1037). وأتت الإجابة: لا تدرس عن غير المؤمنين بل ركّز عوض ذلك على القرآن! وختم الإمام ، وهو شيعي: بالطبع إنّ هذه كانت إجابة رجل سني. لأن لا فقه عندهم بالفلسفة والعلوم.
إنّ تنشئة الإمام الشيعي تضمّ العديد من المواضيع لا تكون دينية بالضرورة بل ثقافية. أما على العكس فالإمام السني ينحصر في دراسة الإسلام ليس إلاّ. من هنا إنّ الحوار مع الشيعة هو أسهل بكثير وأوسع نطاقًا بَيد أنّ الحوار مع أهل السنّة ضيّق جدًا. تتركّز أساسًا تنشئة الإمام السني على حفظ الآيات القرآنية من دون فهمها أو تفسيرها أو وضعها في إطارها التاريخي.
الهيمنة في العالم الإسلامي
يملك السنّة والشيعة النظرة ذاتها على الحياة والدين لهذا هما يتصادمان. وقد برز هذا الصدام في وجهات النظر منذ البداية. مع الوهابية، إنّ العقيدة السنية تنشأ في كل مكان. في باكستان، مثلاً، قوانين التجديف التي أدّت إلى حكم الإعدام الصادر بحق آسيا بيبي وقتل العديد من الناس هو مستوحى من المملكة العربية السعودية. في المناطق السنّية – باستثناء بعض الدول مثل مصر أخذت تنتشر هذه الأصولية التي رفضت استخدام المنطق في قراءة القرآن أكثر فأكثر.
إنّ السنة والشيعة يتصادمون من أجل السيطرة على العالم الإسلامي وعلى كل من يتعاملون معهم في الغرب. إنّ اتفاق النووي في طهران مع السلطات الفعّالة قد أطلق العنان لطهران؛ والمملكة العربية السعودية بما أنها ترفضه فهي لا تزال تعارضه بشدة. وهكذا تفعل إسرائيل مع أنها تملك أسبابًا أخرى لذلك.
كذلك، ينبغي أن يُقال بإنّ الدولة الإسلامية كانت بالأساس حربًا ضد الشيعة. وليس من باب الصدفة أن تكون الجماعات الحاكمة في سوريا والعراق تنتمي إلى الشيعة: الأقلية العلوية في دمشق والشيعة (الذين يشكّلون غالبية السكان) في بغداد. إنّ التوترات والاشتباكات بين الطائفتين امتدّت اليوم إلى لبنان والهند وباكستان وفي كل مكان تتواجد فيها الجماعات الشيعية.
تصل نسبة الشيعة إلى 15 في المئة كحدّ أقصى وبالتالي لا يمكن أن ندّعي أنهم يهيمنون على العالم الإسلامي. في حين أنّ أهل السنّة الذين يشكّلون الغالبية الساحقة فهم يميلون إلى إثبات أنفسهم بطريقة شاملة. غالبًا ما أسمع في أثناء المقابلات التلفزيونية في مصر، إمامًا سنيًا يقول لزملائه الشيعة: “لا يحق لكم أن تكونوا هنا! إنها أرض سنّية” والشيعة هم مصريون مثله تمامًا!
***
نقلته إلى العربية ألين كنعان – وكالة زينيت العالمية