Office of the Iranian President shows the Iranian President

Office of the Iranian President

بين إيران والسعودية صراع على العالم الإسلامي (3)

نظرة تاريخية حول إيران والمملكة العربية السعودية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

نعرض لكم اليوم القسم الأخير من مقالة الأب سمير خليل عن الإسلام وتحديدًا بين إيران (الشيعة) والمملكة العربية السعودية (أهل السنّة) ويتحدّث في هذا القسم عن عدم الجرأة على انتقاد الذات وعن موضوع المال والانقياد للغرب.
عدم الجرأة على الانتقاد
فضلاً عن الميل إلى التوتاليتارية، لطالما كان العالم السنّي يميل إلى تبرئة نفسه من كل لوم: لم يمارس إطلاقًا أي نقد ذاتي. على مدى قرون من الزمن، كان يتّسم العالم الإسلامي بطابع تعددي. فمنذ القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر، وتحت سيطرة العباسيين الذين كانوا يتمركزون في بغداد، كان أهل السنّة والشيعة، الأصوليون والليبراليون. كذلك ظهر المعتزلة في القرن التاسع الذين كانوا يزعمون بأنّ “القرآن قد خُلق” في حين أنّ الآخرين كانوا يقولون بأنه “غير مخلوق”. إن كان الكتاب “غير مخلوق” فإنه قد أتى مباشرة من الله ولا يُمكن أن يُلمَس إذًا وأما إذا كان “مخلوقًا” إذًا فمن الممكن دراسته وتفسيره. تطوّر موقف المعتزلة لقرون بالأخص في عهد الخليفة المأمون (813 – 833). وأما خلفه المعتصم (833 – 842) فاستند إلى الموقف الذي نادي بأنّ القرآن “غير مخلوق” وأطاح بالمعتزلة. واستمرّت هاتان الفكرتان على مدى العصور: يجب أن يُفسَّر القرآن بمنطق وأن يتناسب مع ما هو الأكثر حدة وذكاء في الواقع. للأسف، بدا هذا الموقف في أيامنا هذه وكأنه تهديد وكلّ من كانوا يعبّرون عن ذلك يواجهون خطر الهرطقة.
من هنا، عانت جامعة الأزهر كثيرًا نتيجة هذه المشكلة: فبكونها مدعومة جزئيًا من المملكة العربية السعودية، فلا يمكنا انتقاد موقف “غير مخلوق” بالرغم من أنها اضطرت إلى القيام بإصلاح وتحديث الإسلام في الماضي.
بين الأعوام 1860 و1950، وعلى مدى قرن من الزمن تقريبًا، كان الاتجاه الى تفسير القرآن حرًا وسليمًا. وقد صرّح المستشار الكبير لجامعة الأزهر، محمد عبده (1849 – 1905) بأنّ على القرآن أن يُفسَّر بحسب المنطق. وكان يدعمه جمال الدين الأفغاني (1838 – 1897) في إيران؛ وأما السوري عبد الرحمن الكواكبي (1855 – 1902) وغيره فكانوا من الشخصيات البارزة في النهضة العربية والإسلامية. ثم تمّ نفيهم جميعًا لأسباب سياسية إنما تابعوا بنشر أفكارهم في أثناء عملهم في مجلة منفتحة في باريس يصغون إلى انتقاد الإسلام أمثال إرنست رينان.
أدّت هذه النهضة إلى تشكيل دول متساهلة تجاه الأديان الأخرى. عندما أوجد ناصر الجمهورية المصرية، كان شعاره “الأديان تنتمي إلى الله؛ البلاد هي للجميع”. الأديان تنتمي إلى الله، هذا يعني أنّ كل واحد هو حرّ في اختيار ديانته وممارستها. للأسف، في السبعينيات وتحت تأثير الإسلام الوهابي كل هذا قد تغيّر. أساسًا إنّ الفكر الليبرالي في مصر قد أفسح الطريق للفكر الوسطي لرشيد رضا، تلميذ محمد عبده، ولموقف حين البنا، مؤسس الإخوان المسلمين. إنّ الوهابيين هم أكثر تطرفًا من الإخوان المسلمين.
المال والتبعيّة للخارج
مسألة أخرى: كيف تنشر المملكة العربية السعودية فكرها الوهابي؟ حصلت مصر على 3 مليارات دولار على الأقل من الرياض؛ السودان حصل على بضعة مليارات… وبهدف كسبهم لجهتهم، قررت المملكة العربية السعودية دفع المال لدعم الحكومات وتشييد المساجد. أكثر من ألف مسجد تم بناؤه على يد المملكة العربية السعودية في العديد من أجزاء العالم (حتى في إيطاليا وفي أوروبا). عادة هذه المساجد تكون ضخمة والرياض تدفع أيضًا للإمامات والموظفين. في الواقع إنّ من يدفع يأمر. ولهذا السبب تؤثّر المملكة العربية السعودية على نمط الإسلام.
الانقياد للغرب
إنّ الصراع بين إيران والمملكة العربية السعودية هو صراع سياسي إنما جذوره دينية وصراع على السلطة. كذلك في العالم الإسلامي يترافق الدين مع السياسة. يتصرّف الغرب وكأنّ البلدان الإسلامية ساعدت السعوديين: إنهم يهتمّون بالتجارة فحسب. لم تنتقد الولايات المتحدة أبدًا الرياض على تعاطيها في مجال حقوق الإنسان حيث يُداس عليهم في أكثر من غالبية البلدان في العالم.
نحن نأمل أن يصوّر المسلمون في أوروبا الذين وصل عددهم إلى 10 مليون شخص على الأقل إسلامًا منطقيًا ومعقولاً، منفتحًا إلى كل ما هو إيجابي في العالم المعاصر. في فرنسا وأي مكان آخر، يوجد إمامات منفتحون إنما عددهم قليل ويعبّرون عن آرائهم بشكل خفي لأسباب أمنية.
لو كانت توجد نظرة تحررية في المملكة العربية السعودية شبيهة بتونس مثلاً، لكان لنا موقف مغاير من الوضع الإسلامي، موقف منفتح وأكثر تسامحًا. وهذا ما تريده غالبية المسلمين أن يصلوا إليه، للأسف من دون أن يعلموا كيف يحققون ذلك أو حتى لا يجرأون على ما هو لا مفرّ منه. هذا لا يعني تقليد الغرب في كل شيء وإلا سيصبح الأمر كارثيًا بل تمييز ما هو إيجابي وبنّاء في الحداثة وتطبيقه. في هذا، أظنّ أنّ مسيحيي الشرق يتميّزون برسالة التمييز من أجل مساعدة إخوتهم المسلمين حتى يقوموا بدمج الجوانب الإيجابية للحداثة رافضين كلّ ما هو سلبي.
نقلته إلى العربية (بتصرّف) ألين كنعان – وكالة زينيت العالمية

Print Friendly, PDF & Email
Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير