تكلم البابا عن نبوءة أرميا النبي بعودة المسبيين إلى وطنهم. لقد كانت خبرة السبي مؤلمة، وقد بدأ المسبيون يتسألون: أين الله؟ وكيف يمكن لهذه الآلام المهولة أن تعصف برجال ونساء وأطفال أبرياء؟ أسئلة نطرحها اليوم نحن أيضا أمام خبرة الوحدة والألم والموت، وأمام إخواننا الذين يحيون في هذه الأوقات حالة سبي، بعيدا عن أوطانهم، تملأ عيونهم صور أنقاض بيوتهم، ويسيطر الخوف على قلوبهم، ويعتصرهم ألم فقدان أحبائهم! فيأتي النبي كي يؤكد أن الله لا يهمل أبناءه، بل يعتني بهم ويخلصهم. فالله ليس غائبا، بل قريبا، وهو يخلص من يثق فيه، ومن لا يستسلم لليأس، بل يستمر في اليقين بأن الخير سينتصر على الشر، وبأن الرب سيمسح كل دمعة وسيحررنا من كل خوف. فالله وحده هو القادر على تحويل خبرة اليأس إلى رجاء، وخبرة الألم إلى تعزية، وخبرة الموت إلى حياة. وقد أوصل يسوع المسيح رسالة النبي هذه إلى كمالها، حين أوضح أن الحياة ستنتصر على الموت، والبركة على اللعنة، وأن العودة الحقيقية والكاملة من كل سبي، هي بالإيمان بالله وباختبار محبته الرحيمة والتي تمنح فرحا وسلاما وحياة أبدية.
* * *
كلمات قداسة البابا للأشخاص الناطقين باللغة العربية:
أتوجه بتحية حارة للحجاج الناطقين باللغة العربية، وخاصة القادمين من الأردن ومن الشرق الأوسط. ما أكثر خبرات السبي والغربة والألم والاضطهاد التي تدفعنا حتى إلى الشك في صلاح الله ومحبته لنا. لكنه شك يتبدد أمام اليقين بأن الله هو أمين وقريب ويحقق وعوده لمن لا يشك بها، ولكل من يرجو خلافا لكل رجاء. فتعزية الرب هي قريبة من كل من يعرف أن يعبر ليل الشك المؤلم، متشبثا ومتطلعا لفجر رحمة الله، الذي لا يمكن لظلام أو لظلم أن يهزمه. ليبارككم الرب جميعا ويحرسكم من الشرير!
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2016