ترأس البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر أمس الجمعة 25 اذار 2016، رتبة سجدة الصليب في كابيلا القيامة في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ولفيف من الأساقفة والكهنة في حضور حشد من المؤمنين تتقدمهم وزيرة المهجرين والعدل بالوكالة أليس شبطيني.
بعد تلاوة الاناجيل الاربعة، ألقى البطريرك الراعي عظة قال فيها: “علمنا الرب يسوع من خلال أناجيل آلامه وموته كيف تحمّل كل شيء وهو بريء، من أجل فدائنا، وعلّمنا أن نواصل هذه الرسالة، رسالة الفداء، علّمنا بصمته كيف نتحمل الظلم والإساءات، وفي اللحظة الأخيرة وهو على الصليب، ترك لنا أعز ما في قلبه بسبع كلمات، يجب أن تحفر في قلبنا وذاكرتنا. فتذكار موت المسيح ليس ليتورجيا إنما دعوة لنعيش طريقه وعلى مثاله، ونعرف كيف نضم آلامنا الى آلامه لخلاصنا وخلاص العالم الذي يهيم في مزيد من الاحقاد والنزاعات والإساءات، كما نرى على كل وجه الأرض، هذا يعني ان العالم بحاجة الى الفداء، والفداء هو دورنا كما يقول بولس عندما واجه آلامه، “انني أتم في جسدي ما نقص من آلام المسيح من أجل الكنيسة”.
الكلمة الأولى: “يا أبت أغفر لهم، لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون” (لو34:23).
في سنة الرحمة المقدسة التي اطلقها البابا فرنسيس تحت شعار “كونوا رحماء، كما ابوكم السماوي رحيم هو”. يعلمنا الرب يسوع بهذه الكلمة ان الله الرحوم والحنون، يبقى أمينا لذاته، مهما فعل به البشر ومهما أساؤوا اليه بشرورهم. اننا نلتمس من فادينا الالهي مغفرة خطايانا، ونعمة الاقتداء به فنغفر بدورنا كل الأساءات والاخطاء من دون تحفّظ على مثاله”.
الكلمة الثانية: “يا امرأة هذا ابنك! يا يوحنا هذه أمك”(يو19: 26-27).
مريم بإيمان ورجاء وحبّ قبلت كلمة الله من فم الملاك يوم البشارة فأصبحت أم يسوع التاريخي. كذلك وبالإيمان نفسه مع ألم الصليب، قبلت إرادة الله مجددا وهي صعبة فأصبحت ام المسيح الكلي الذي هو الكنيسة. قيمة حياتنا ان نكون معطائين من دون قياس حبّا بالله، وهو الذي يثمر ثمار خير وصلاح، ثمارًا لا نعرفها ولا نتصورها ولا ننتظرها.
الكلمة الثالثة:”اذكرني يا سيدي، متى أتيت في ملكوتك! اليوم تكون معي في الفردوس”.(42:23-43)
هي توبة لص اليمين. بالعودة الى الله بتأسف وندامة عن خطايانا وشرورنا، الله لا يناقشنا الحساب، بل بحنان ورحمة يغفر خطايانا، ويمنحنا الخلاص، شرط أن نكون نادمين حقا”. فهو يعرف نوايانا وافكار قلوبنا.
الكلمة الرابعة: “إلهي إلهي لماذا تركتني”! (متى 46:27)
هي صلاة يسوع في ضيقته وآلامه الجسدية والمعنوية. صرخة بشرية بامتياز، صادرة من قلب ابن ارسله الآب لفداء البشر. كم نحن بحاجة الى الله في ساعات الشدة والضيق. لأنه وحده يعزي ويشجع ويعضد بنعمته. وهذا يختبره المؤمنون والمؤمنات الكثر في ضيقاتهم، لانهم عرفوا كيف يضمون آلامهم الى آلام المسيح الفادي”.
الكلمة الخامسة: “أنا عطشان” (يو30:19).
هو عطش يسوع الى ماء ليرطّب به لسانه وحلقه، والى رحمة وشفقة من الله والبشر، لكنه عطشان لإتمام ارادة ابيه حتى النهاية، عطشان لصنع الخير مهما كلّف من تضحيات. لقد طوّب يسوع في عظة الجبل “الجياع والعطاش الى البرّ” (متى6:5) البرّ يعني كل عمل خيرٍ وعدلٍ وحق. نصلي كي يكون فينا هذا العطش.
الكلمة السادسة: “لقد تم كل شيء” (يو30:19)
أتمّ يسوع كل تصميم الآب لخلاص البشر. فبلغ ذروة محبة الله لخلائقه بفدائهم بدم ابنه الوحيد. وكم نرجو ان نقول بضمير مطمئن في ختام كل يوم وفي الساعة الأخيرة من حياتنا: ،” لقد تم كل شيء”.
الكلمة السابعة: “يا أبتي بين يديك استودع روحي”. (لو46:23)
يعلمنا يسوع ان حياتنا الشخصية عطية ثمينة من الله، ينبغي أن نحافظ على نقاوتها وقدسيتها بأفعالنا وبنمط عيشنا، واننا سنردّها اليه في مساء الحياة، وكم نرجو ان تكون غنيّة بفضائلها وافعالها الصالحة. جميل في آخر كل يوم وقبل النوم ان نردد كلمة الرب يسوع هذه: “يا أبتي بين يديك أستودع روحي”.
وكان البطريرك الراعي قد تلقى صباح اليوم اتصال معايدة من رئيس الحكومة الاستاذ تمام سلام جرى خلاله البحث في الاوضاع الراهنة على الساحة اللبنانية.