تلا البابا فرنسيس سوم امس الأحد صلاة افرحي يا ملكة السماء مع وفود الحجاج الذين اجتمعوا في ساحة القديس بطرس وتوجه البابا اليهم بكلمة دعاهم من خلالها الى فتح قلبهم وعقلهم الى عطية الروح القدس قائلا: “نحتفل اليوم بعيد العنصرة العظيم، الذي يُتمّم زمن القيامة، بعد خمسين يوما من الاحتفال بقيامة المسيح من الموت. وتدعونا الليتورجيا إلى فتح عقلنا وقلبنا إلى عطيّة الروح القدس، الذي وعد به يسوع تلاميذه عدّة مرّات، وهو العطيّة الأولى والرئيسيّة التي نالها لنا الرب بقيامته وصعوده إلى السماء. لقد التمس يسوع هذه الهبة من الآب، كما يشهد إنجيل اليوم، المأخوذ من العشاء الأخير. يقول يسوع لتلاميذه: “إِذا كُنتُم تُحِبُّوني، حَفِظتُم وَصاياي. وَأَنا سأَسأَلُ الآب فيَهَبُ لَكم مُؤَيِّداً آخَرَ يَكونُ معَكم لِلأَبَ” (يو 14، 15- 16).
الى جانب ذلك تابع البابا وفق ما ذكره موقع الفاتيكان أنه إن أردنا عيش الإنجيل علينا أن نعيشه بشكل نظامي: “تذكرنا هذه الكلمات بأنه إن أردنا عيش الإنجيل فلا يكفي التقيّد به بشكل نظامي، إنما يجب التقيّد به بشكل وجودي، أيّ أن تكون حياتنا بأكملها شريكة فيه. في الواقع، أن نكون مسيحيين، لا يعني الانتماء إلى حضارة معينة أو الانضمام إلى عقيدة معينة، إنما بالأحرى أن نربط حياتنا، بجميع جوانبها، بشخص يسوع، ومن خلاله، بالآب. ولهذا الغرض، يعِدُ يسوع تلاميذه بفيض الروح القدس. ويمكننا جميعا، بفضل الروح القدس بالتحديد، وهو المحبّة الذي يوحّد الآب والابن وهو ينبثق منهما، أن نحيا حياة يسوع نفسها. إن الروح في الواقع يعلّمنا كلّ شيء، أو الشيء الوحيد الأساسي: أن نحبّ كما الله يحبّ.”
من ناحية أخرى أكمل الأب الأقدس كلمته وفق الموقع عينه قائلا: “حين وعَدَ يسوع بالروح القدس، عرَّفَ عنه بأنه “مُؤَيِّداً آخَرَ” (آية 16)، يعني المعزّي والمحامي والشفيع، أي الذي يعيننا، ويدافع عنا، ويبقى بجانبنا في مسيرة حياتنا وفي نضالنا من أجل الخير وضد الشر. يقول يسوع “مُؤَيِّداً آخَرَ” لأن المؤيّد الأول هو يسوع نفسه، الذي تجسّد ليأخذ على عاتقه وضعنا البشري كي يحرره من عبودية الخطيئة.
من ناحية أخرى، إن الروح يقوم بمهمّة التعليم والتذكير. التعليم والتذكير. وقد قاله لنا يسوع: “المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم” (آية 26). لا يأتي الروح القدس بتعليم آخر، إنما يجعل تعليم يسوع حيًّا وفعّالا، لأن الزمن الذي يمرّ لا يلغيه ولا يضعفه. الروح القدس يطعّم قلوبنا بهذا التعليم، ويساعدنا على استيعابه، جاعلًا منه جزءًا منّا، لحمًا من لحمنا. وفي الوقت عينه، يُحَضِّر قلبنا كي يكون قادرًا فعليًّا على قبول كلام الرب ومثله. ففي كلّ مرّة تَلقَى كلمةُ يسوع قبولًا فرِحًا في قلبنا، يكون هذا عمل الروح القدس.”
أخيراً ختم البابا بالقول: “لنصلّ معا –لآخر مرّة في هذه السنة- صلاة إفرحي يا ملكة السماء، ملتمسين شفاعة العذراء مريم الوالدية، كي تنال للكنيسة بأن تستمّد نشاطها بقوّة من الروح القدس، فتشهد للمسيح بشجاعة إنجيلية وتنفتح باستمرار على ملء محبته.”