BlueOlive - Pixabay CC0

النشاطات الصيفية – مجتمع بلا مدارس – رسالة إلى المربين

يمكن أن تصبح عملية التعليم والتعلم ممتعة وعفوية في حال انتقلت من حدود الغرفة الصفية لتخرج إلى أفق أوسع، حدوده المجتمع والعالم، ومن التعلم التعاوني الذي ينجم عن العلاقات الفريدة خارج الفصول الدراسية، إلى التعلم الأعمق والتشاركي عندما يصبح الطالب في محك […]

Share this Entry

يمكن أن تصبح عملية التعليم والتعلم ممتعة وعفوية في حال انتقلت من حدود الغرفة الصفية لتخرج إلى أفق أوسع، حدوده المجتمع والعالم، ومن التعلم التعاوني الذي ينجم عن العلاقات الفريدة خارج الفصول الدراسية، إلى التعلم الأعمق والتشاركي عندما يصبح الطالب في محك مع العالم الواقعي، فتمثل خبرة لا مثيل لها في تشكيل قدرته على التعلم وتكون مصدر إلهام له تحفزه على الاستمرار في هذا الحقل.
لقد اقتربت العطلة الصيفية لأبنائنا، فكيف نستغل الوقت ونديره؟ لا يحتاج الطالب إلى أن يكون على مقربة من أجهزة الكمبيوتر، الحقائب المدرسية والكتب التقليدية للتعليم، فالتعلم الحقيقي لا يعتمد على مجرد حفظ الحقائق، التاريخ أو حل التمارين الرياضية، التعلم عملية تفاعلية تقوم على التحليل والمشاركة، هو عملية بحث مستمرة عن معاني جديدة وتطبيقات، هو المعرفة في كل أحوالها، إنه التعلم مدى الحياة.
تحتاج عملية التعليم وقتاً طويلاً سواء أكان داخل المدرسة أو من خلال النشاطات الصيفية، ولذلك ستجد دوماً أن إدارة الوقت –لك وللطلاب- هي واحدة من أكبر التحديات التي ستواجهك، حيث تعتبر من المهارات المهمة جداً، فهي تساعدك على تحديد أولويات العمل الخاص بك، ومعها ستتمكن من إنجاز المزيد في وقت أقل.
الذي يدير الوقت … يدير العالم، من هنا يمكننا القول أن الاستغلال الفعّال للوقت يبدأ مع التنظيم الدقيق لأي نشاط ننوي القيام به من حيث: الإعداد ووضع خطة تقضي على الوقت الضائع والارتباك، تحديد المهام وتوزيع الواجبات على الأفراد، لتعطيك بالنتيجة الوقت الكافي للعمل مع مجموعات صغيرة، وبالتالي خلق بيئة مناسبة، تُتيح لهم الانتقال بسلاسة من نشاط إلى آخر مغايرة للنمط التعليمي التقليدي.
العالم مليء بالعديد من الأسئلة، الأماكن، والناس، ذلك يعني أنه علينا أن نستغل هذه العطلة في محاولة لبناء علاقات بين الطالب والعالم خارج جدران المدرسة، فالتجارب والخبرات ذات المغزى تتشكل من علاقته مع هذا العالم، عليك توسيع معارفه، تحسين التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، وزراعة نوع من الوعي الذاتي والتقدير الشخصي الذي لا يمكن أن يُدرس من خلال الكتب المدرسية، فالهدف التربوي من هذه النشاطات هو النهوض بالشباب نحو تربية أفضل ومسيرة مستقبلية لبناء مجتمع الغد، خصوصاً عندما نرى أزمات القلق النفسي التي تعصف بالشباب (البطالة، الفراغ ، الأخلاقيات…).
للمدرسة أهمية كبرى في العملية التعليمية التعلمية ولكنها ليست المصدر الوحيد الذي يمكن لأطفالنا التعلم من خلاله، قدّم التربوي”Ivan Illich” في كتابه “مجتمع بدون مدرسة”Dischooling Society عام 1970 نقد جذري لمؤسسة التعليم في المجتمعات الحديثة، حيث هاجم مفهوم التعليم اعتماداً على المدارس باعتبارها نظاماً سلطوياً واحتكارياً، في حين أن العملية التعليمية الناجحة في نظره تحدث خارج البيئة المدرسية من خلال الانخراط داخل المجتمع ومن خلال الخبرات والتجارب التي يحصل عليها نتيجة ذلك، ودعا إلى إعادة هيكلة التعليم تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص للتعليم والتعلم، ولضمان حصول الفرد على التعليم خارج المدرسة، وتحويل كل لحظة يعيشها إلى فرصة تعلم ومشاركة واهتمام، فبحسب نظريته سيحقق التعليم بهذه الطريقة هدفه ويكون متاحاً للجميع وأكثر إختيارياً.
لننظر إلى الجانب الإيجابي من هذه النظرية، فنحن على يقين أن التعليم المتكامل يغطي حاجة الطلاب المتنوعة، من هنا، لنبدأ باستغلال العطلة الصيفية، عبر إنشاء جو من الثقة والانفتاح مع الطلبة من خلال النشاطات اللاصفية فتكون فرصة للتعليم دون المدرسة التقليدية، فهناك البرامج اللامنهجية التي لم يُتح لنا العمل على تعزيزها خلال السنة، التدريب على أساليب العمل الجديدة، واعتماد استراتيجية الاستكشاف والاكتشاف، في هذاالإطار، من المهم أن نضع نُصب أعيننا أن مواجهة العالم الخارجي والحقيقي خارج الفصول الدراسية يُعد جزءاً أساسياً من عملية التعلم وتنمية الشخصية الفردية والإبداعية، أياً كان عمرهم، قدرتهم أو ظروفهم.
هذه النشاطات تمثل فرصة مثالية للعمل عن طريق فريق تشاركي، طلاب ومعلمين لخلق الإبداع والتميّز، فلننظر إلى العطلة الصيفية على أنها فرصة لتحقيق جو بيئي ناضج وعيش خبرة تربوية واجتماعية وثقافية واسعة الأفق.

Share this Entry

الأب عماد طوال

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير