في مقابلته العامة اليوم مع المؤمنين وقبل أن يبدأ البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي وفق ما ذكرته إذاعة الفاتيكان حيّى مجموعة أزواج يحتفلون بالذكرى الخمسين لزواجهم قائلاً هذه هي “خمرة العائلة الجيّدة! إن شهادتكم هذه، هي الشهادة التي ينبغي على الأزواج الجدد والشباب أن يتعلّموها.بعد أن تناولنا بعض أمثال الرّحمة، نتوقّف اليوم عند أولى آيات يسوع، التي يسمّيها الإنجيليّ يوحنّا “علامات” لأنّ يسوع لم يقم بها ليولّد الدهشة وإنّما ليُظهر محبّة الآب. يخبرنا يوحنّا عن أولى هذه العلامات (يو ۲، ۱- ۱۱) وتتمّ في قانا الجليل. إنّه نوع من “بوّابة دخول” حُفرت فيها كلمات وعبارات تُنير سرّ المسيح بكامله وتفتح قلب التلاميذ على الإيمان”.
أما عن المقدمة وبحسب المصدر عينه فتحدث البابا فرنسيس وقال: ” المقدِّمة عبارة “يسوع وتلاميذه” (الآية ۲). إنّ الذين قد دعاهم يسوع لإتّباعه قد ربطهم به في جماعة والآن، كعائلة واحدة، هم جميعًا مدعوّون إلى العرس. من خلال بدئه لخدمته العلنيّة في عرس قانا، يظهر يسوع كعريس شعب الله الذي أعلنه الأنبياء، ويُظهر لنا عمق العلاقة التي تجمعنا به: إنّه عهد حبّ جديد. ماذا نجد في أساس إيماننا؟ عمل رحمة من خلاله ربطنا يسوع بذاته؛ والحياة المسيحيّة هي الجواب على هذا الحبّ، إنّها كقصّة حبيبين. الله والإنسان يلتقيان ويبحث أحدهما عن الآخر، ويجدان بعضهما البعض ويحتفلان ويحبّ أحدهما الآخر: تمامًا كالحبيب والحبيبة في نشيد الأناشيد. وكلّ الباقي هو كنتيجة لهذه العلاقة. الكنيسة هي العائلة التي يسكب فيها يسوع حبّه؛ وهذا هو الحبّ الذي تحرسه الكنيسة وتريد أن تعطيه للجميع.”
هنا ومن حيث العهد الذي ربط نفهم ما قالته العذراء: “لَيسَ عِندَهم خَمْر” (الآية ۳). هنا علق البابا وقال أن الخمر يعبّر عن فرح وغنى الوليمة فكيف لو انتهى الزفاف بشرب الشاي؟ لكان الأمر مخجلاً للعريسين! وأوضح: “إن الخمر ضروري للعيد. بتحويل الماء إلى خمر في الخوابي التي كانت تُستعمل “لِما تَقْتَضيه الطَّهارةُ عِندَ اليَهود” (الآية ٦)، يقوم يسوع بعلامة مهمّة: يحوِّل شريعة موسى إلى إنجيل يحمل الفرح. كما يقول القدّيس يوحنّا في مكان آخر: “لأَنَّ الشَّريعَةَ أُعطِيَت عن يَدِ موسى وأَمَّا النِّعمَةُ والحَقّ فقَد أَتَيا عن يَدِ يسوعَ المسيح”.
سلط البابا الضوء وفق الإذاعة عينها على أن كلمة مريم تكلل الزفاف حين قالت “مَهما قالَ لَكم فافعَلوه” (الآية ٥). ولكن علّق بأنه أمر غريب: “إنّها كلماتها الأخيرة التي تنقلها لنا الأناجيل: هذا هو ميراثها الذي تسلِّمه لنا جميعًا. واليوم أيضًا تقول العذراء لنا جميعًا: “مَهما قالَ لَكم – يسوع – فافعَلوه”. هذا هو الميراث التي تركته لنا، وهو جميل! إنّها عبارة تُذكِّر بصيغة الإيمان التي يستعملها شعب إسرائيل في سيناء في جوابه على وعود العهد: “جميع ما تكلّمَ بهِ الرّبُّ نعمَلُ بهِ” (خروج ۱٩، ٨). فالخدّام في قانا قد أطاعوا في الواقع. “فَقالَ يسوعُ لِلخَدَم: “اِملأُوا الأَجرانَ ماءً”. فمَلأُوها إِلى أَعلاها. فقالَ لَهم: “اِغرِفوا الآنَ وناوِلوا وَكيلَ المائِدَة”، فناوَلوه” (الآيات ٧- ٨). في هذا العرس يُقام عهد جديد ولخدّام الربّ، أي للكنيسة بأسرها، تُوكَل المهمّة الجديدة: “مَهما قالَ لَكم فافعَلوه!” إنّ خدمة الربّ تعني الإصغاء لكلمته وعيشها. إنّها الوصيّة البسيطة وأيضًا الجوهريّة لأمِّ يسوع وهي برنامج حياة المسيحيّ.”
في الختام شدد البابا على أنه من واجبنا أن نعلم أن “عرس قانا هو أكثر من مجرّد رواية بسيطة لأولى آيات يسوع. فإنه كخزنة يحفظ سرّ شخصه وهدف مجيئه: العريس المُنتظَر يبدأ العرس الذي يتحقّق في السرّ الفصحيّ. في هذا العرس يربط يسوع تلاميذه به عبر عهد جديد ونهائيّ. في قانا يصبح تّلاميذ يسوع عائلة له وفي قانا يولد إيمان الكنيسة. جميعنا مدعوّون إلى ذلك العرس لكي لا تنقص أبدًا الخمرة الجديدة!”