bkerke.org

البطريرك الراعي يحتفل بعيد القديسين بطرس وبولس

– كاتدرائية سيدة لبنان بروكلين، نيويورك الاحد 26 حزيران 2016

Share this Entry

في اطار زيارته الراعوية الى الولايات المتحدة الاميركية، ترأس غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد، بمناسبة عيد القديسين بطرس وبولس، في كاتدرائية سيدة لبنان في بروكلين في ولاية نيويورك، عاونه فيه النائب البطريركي العام المطران بولس صياح وراعي الابرشية المطران غريغوري منصور ونائبه العام المونسنيور مايكل توماس وكاهن الرعية المونسنيور جيم روت ولفيف من الكهنة بحضور الاساقفة من كافة الكنائس. كما حضر القداس النائب نديم الجميل، القائمة باعمال سفارة لبنان في واشنطن كارلا جزار، السفير نواف سلام والسيدة كارولين زيادة من بعثة لبنان لدى الامم المتحدة، القنصل العام مجدي رمضان، السفير ميشال عفلق وممثل طائفة الموحدين الدروز فضيلة الشيخ سامي مرعي.

بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “يا بطرس انت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبني بيعتي”(متى 16،18) “شاول بولس هو الاداة التي اخترتها لكي يكون مسؤولاً عن اسمي عند الوثنيين والملوك والشعب” (اعمال 9،15) وقال فيها: “يسعدني والوفد المرافق من لبنان ان نلتقي معًا لنحتفل بهذه الليتورجيا الالهية هنا في كاتدرائية سيدة لبنان في Brooklyn، ونحن في اليوم الرابع من زيارتنا الراعوية لبعض من رعايا الابرشية، وقد زرنا الى الان ثلاثًا: Waterville, Lawrence, Buffalo. أود ان اشكر سيادة اخي المطران غريغوري منصور على دعوتي لهذه الزيارة الراعوية واشكر معه نائبه العام الخوراسقف مايكل توماس على تنظيمها. يرافقني من لبنان النائب البطريركي العام المطران بولس صياح والمحامي وليد غياض المسؤول عن المكتب الاعلامي في البطريركية والشماس سيمون ابي نادر. ونحمل اليكم تحيات شعبنا في لبنان، مع آماله وهمومه، فيما لبنان ومنطقة الشرق الاوسط يمران في ظروف صعبة ودقيقة بل مصيرية. اننا نطلب صلاتكم وتضامنكم معهم على كل صعيد.”

واضاف غبطته: “يسعدنا ان يكون معنا سعادة النائب الشيخ نديم الجميل، وحضورك له معانيه القريبة والبعيدة خاصة واننا منذ وصولنا الى الولايات المتحدة الاميركية وشعبنا يطالب بانتخاب رئيس للجمهورية. ونغتنم هذه الفرصة لنتمنى لك زيارة مباركة الى اميركا، وان تحمل صوت جاليتنا، “نريد رئيسًا للجمهورية من اجل كرامتنا”، وكونك ابن الرئيس الشهيد الشيخ بشير الجميل فانك لا بد ان تحمل في قلبك لبنان ورغبة شعبه في ان يكون له رئيسًا”.

وتوقف الكردينال الراعي في عظته عند عيد القديسين بطرس وبولس فقال: “لكل منهما ميزته الشخصية التي من اجلها اختاره الرب رسولا له: ميزة بطرس الايمان الشديد والواعي بيسوع، وقد اعلنه في قيصرية فيليبس: “انت هو المسيح ابن الله الحيّ” (متى 16،16). وبسبب هذا الايمان حوّل يسوع اسمه من سمعان الى بطرس، بالآرامية “كيفا”، اي الصخرة وباليونانية Petros-Petra. وعلى هذا الايمان البطرسي بنى يسوع كنيسته، لكنه هو نفسه شكّل حجر الزاوية: “انت يا سمعان بن يونا الصخرة، وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي، وابواب الجحيم لن تقوى عليها” (متى16، 17-18).

ميزة شاول بولس غيرته الكبيرة وعلمه، فحوّله المسيح من مضطهد للكنيسة ولاتباع يسوع، الى “رسول اختاره عبدًا له ليحمل انجيله امام الامم والملوك والشعوب”. كما قال الرب لحننيا وقد اعلمه بهذا الاختيار. (راجع اعمال 9، 11-16).

وتابع غبطته: “كان لبطرس وبولس عنصر مشترك هو الاستشهاد من اجل المسيح في روما سنة 63 على يد الامبراطور نيرون: بطرس مصلوبًا على تلة الفاتيكان، وبولس بقطع رأسه خارج اسوار المدينة، ولكن بفضل هذا الاستشهاد تحولت روما عاصمة الامبراطورية الرومانية الوثنية الى عاصمة الكثلكة، وفيها استقر كرسي خليفة بطرس بابا الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، وهو كرسي الايمان والتعليم وقلب الكنيسة النابض.”

وختم البطريرك الراعي عظته: “لقد دعينا نحن ايضا من قبل المسيح بالمعمودية لكي نغير حياتنا كبطرس وبولس، وهو يتكل علينا لكي نكون اعمدة كنيسته في هذا الزمن. ومثل بطرس وبولس علينا ان نعمل اكثر وعلى الرغم من ضعفنا البشري من اجل المجد الاسمى الذي ما زال يدعونا اليه المسيح باستمرار. ومثل بطرس وبولس علينا ايضا ان نقوم بجهد من اجل كنيسته المقدسة. وان نتولى بجدية مسؤوليتنا كمسيحيين صالحين على صورة الراعي الصالح كما يقول بطرس. وان تكون حياتنا مثالاً يعكس تعليم يسوع وليس حكمة هذا العالم.

في عيد القديسين بطرس وبولس نجدد ايماننا بالمسيح، وبانجيله على مثال ايمان بطرس وحماسة بولس، مع الكنيسة في لبنان والشرق الاوسط الذي يعيش في معاناة شديدة واضطهاد في ظل شتى انواع الصعوبات. فمنطقة الشرق الاوسط بحاجة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى انجيل المسيح من اجل خلاصها من ويلات الحرب والموت والدمار. نصلي كي تغسل دماء الشهداء خطايا البشر وذلاتهم، وتتحوّل الى بذار عالم جديد في الشرق الاوسط، وفق ما يقول اوريجنوس: “دماء الشهداء هو بذار المسيحيين”.

بعد القداس اقامت رعية سيدة لبنان حفل غداء على شرف غبطته شاركت فيه الهيئات الرسمية التي حضرت القداس اضافة الى عدد كبير من ابناء الجالية اللبنانية. وقد القيت خلاله كلمات ترحيبية للمطران منصور ولكاهن الرعية المونسنيور جيمس روت.

من جهته ردّ الكردينال الراعي بكلمة شكر تتطرق فيها الى الشؤون اللبنانية، فقال: “نحن هنا كلبنانيين ومشرقيين نحمل في قلوبنا وطننا وبلدان الشرق الاوسط وقد صلينا من اجل السلام فيها في الذبيحة الالهية التي احيينا فيها عيد القديسين بطرس وبولس. واريد ان اتوقف معكم عند فكرتين اساسيتين: اولاً: الزيارات الراعوية التي نقوم بها عادة الى ابرشياتنا ورعايانا هي واجب على البطريرك بحكم القانون، وهي تأخذ مفاهيمها الابعد اليوم لاننا نعيش معا الشعار الذي نحتاج اليه وقد اتخذته لخدمتي البطريركية، “شركة ومحبة”. فهذه الزيارات تعزز الروابط بيننا وتعرفنا ببعضنا اكثر ومن خلالها يتعزز الترابط فيما بينكم وبين الوطن الحبيب لبنان الذي يحتاج الى مؤازرتكم والى الروحية والمعنوية والمادية. ثانيًا: الى جانب البعثات الدبلوماسية اللبنانية، انتم سفراء للبنان ووجهه المشرق. اي ان وجودكم في المجتمع الاميركي مع تقاليدكم وروحكم اللبنانية الجميلة، ومساهماتكم في حياة هذا البلد، تحملون معكم امرين اساسيتين، هويتكم اللبنانية بكل مفاهيمها وتقاليدكم وتراثاتكم الكنسية والروحية وقد كونت شخصيتكم التي تغنون بها هذا المجتمع والكنيسة المحلية.”

وتابع غبطته: “ولكم دور في هذا المجتمع ايضًا من خلال نشاطاتكم ومعارفكم وهو ان تنقلوا وتتحدثوا عن حقيقة لبنان والشرق الاوسط، وتطالبوا المجتمع الاميركي بالصوت العالي، بان يعود اللاجئون الذين هجروا ونزحوا من اوطانهم بالملايين الى ارضهم. فلا يمكن ان يبقى هؤلاء مرميين على طرقات الدول او في الخيم، فهم كائنات بشرية بريئة ولها كرامتها. ونحن في دولة تحترم حقوق الانسان. فلا يمكن ان تبقى الاسرة الدولية مكتوفة الايدي امام ما يجري في الشرق الاوسط، ولا يمكن ان يتحول موضوع ايجاد الحلول السلمية للحروب حديثًا اكاديميًا. فهناك اناس يموتون جوعًا وقتلا وقهرًا وتشريدا وهم محرومون من كل شيء ما عدا المعاناة. وهذا ما يولّد في داخلهم الحقد والبغض لكل العالم ويعرّضهم في المستقبل لان يكونوا اعضاء في تنظيمات ارهابية اذا ما استمر حرمانهم لوقت اطول. وهكذا نكون قد هيأنا لحروب جديدة مفتوحة بارهابها على كل العالم. وفي الواقع لقد بلغ الارهاب اليوم الى كل انحاء العالم. فلا يجوز ان يبقى وضع النازحين على ما هو عليه ولا تستطيع الاسرة الدولية ان تترك الملايين من الناس مشردين على الطرقات. صحيح ان مساعدة هؤلاء الناس واجب انساني لا يمكن ان يتخلف احد عنه، ولكن من واجب الاسرة الدولية ايقاف الحرب فورا واعادة النازحين والمهجرين الى اراضيهم.”

وعن لبنان اضاف غبطته: “ان لبنان هو ضحية كل الاحداث الدائرة في الشرق الاوسط، دون ان يكون له علاقة بها، بدءًا بالقضية الفلسطينية، بحيث ان نصف مليون لاجىء فلسطيني يعيشون على ارضنا حاملين سلاحهم. وكلكم تعرفون ان الحرب التي بدأت سنة 1975 كانت بين الفلسطينيين وبين الجيش والشعب اللبناني. واليوم وبعد ان ادركوا واعتذروا فهم لا يزالون يعيشون في مخيمات وسط حرمان وقهر يضاف اليهم مليون ونصف المليون من النازحين السوريين الذين يعيشون في خيم وهم يتكاثرون بنسبة حوالي 50 الف ولادة جديدة. نحن نتعاطف ونتضامن انسانيا معهم في محنتهم وليضع كل واحد منا نفسه مكانهم، وكم من اللبنانيين ذاقوا مرّ التهجير، ولكن الى اي مدى يمكن للبنان ان يتحمّل هذا العبء الذي يفوق نصف عدد سكانه وعلى كافة الصعد. ويكفي ان نذكر مثلا ان عدد الطلاب النازحين يفوق عدد الطلاب اللبنانيين في المدارس. وأسأل: لماذا على لبنان ان يتحمل وحده هذا الامر؟ وماذا سيبقى من ثقافة لبنان ومن هويته؟ ومن سيبقى في هذا البلد الذي يهاجر ابناءه للعلم والعمل في الخارج؟ واين هي الاسرة الدولية التي تعطينا شهادات التقدير والشكر على استضافة اللاجئين، ونحن لسنا بحاجة لمن يقول لنا استقبلوا واستضيفوا. نحن نرفض ان نكون ضحية سياساتكم. هذه هي الحقيقة التي يجب ان تقولوها عن لبنان. وفي الحقيقة، نحن نعيش باعجوبة في لبنان، من الناحية الامنية والاجتماعية، ولكن اذا كان ربنا يجترح تلك الاعجوبة، فهذا لا يعني انه علينا ان نتخلى نحن عن مسؤولياتنا وعن دورنا وواجبنا تجاه وطننا. نعم هناك عناية الهية ويد خفية تحمي هذا الوطن. وكما انشدنا منذ قليل، نقول في النشيد الوطني: “صانه ربه لمدى الاجيال”. وذلك لانه لا يزال عندنا مؤمنون يصلون ويخافون ربهم، وناس “اوادم” وقديسون خرجوا من ارضه، ما يعني انه لا يمكن التلاعب بهذا الوطن بهذه السهولة. ومن جهة اخرى، لا يمكن ان نقبل ان تستمر الجماعة السياسية في ادائها حيال رئاسة الجمهورية وقد بدأنا بالسنة الثالثة من الفراغ. فمهما كانت الاسباب، لا تستطيع الكتل النيابية الاحجام عن انتخاب رئيس للجمهورية وهذه وصمة عار في جبين لبنان. فماذا نجيب عندما نُسأل لماذا لا يوجد لديكم رئيس؟ هذا شيء غير مقبول ونحن لن نوفر فرصة او مجالا للمطالبة بانتخاب الرئيس لان كرامتنا كمواطنين لبنانيين ترتبط بذلك، فلا يمكن لبلد ان يعيش بدون رئيس ونحن نشهد على موت المؤسسات وعلى شللها، فلا المجلس النيابي يستطيع ان يعمل بشكل طبيعي ولا الحكومة تستطيع اتخاذ القرارات. ومعكم نقول للكتل السياسية والنيابية في لبنان: “احفظوا كرامتنا وانتخبوا الرئيس. ولا شيء يبرر عدم قيامكم بهذا الواجب الوطني”.

وختم الكردينال الراعي: “معكم نوجّه تحية الى قداسة البابا فرنسيس الذي يزور ارمينيا، وهو الذي قال عن حقيقة الحرب الدائرة في الشرق الاوسط انها “تجارة سلاح”. ويؤسفنا ان تكون في المناسبة قد صدرت تعليقات تتحدث عن “ذهنية صليبية” على أثر وصفه المجازر التي جرت بحق الارمن وغيرهم في ارمينيا “بالابادة”.

المصدر: موقع بكركي

Share this Entry

Staff Reporter

فريق القسم العربي في وكالة زينيت العالمية يعمل في مناطق مختلفة من العالم لكي يوصل لكم صوت الكنيسة ووقع صدى الإنجيل الحي.

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير