استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في القصر الرسولي بالفاتيكان وفدًا من بطريركية القسطنطينية المسكونية، في إطار زيارة سنوية معتادة احتفالا بعيد القديسين بطرس وبولس في التاسع والعشرين من حزيران يونيو من كل عام، ووجه الأب الأقدس كلمة لزائريه عبّر فيها عن سروره بلقائهم وقال يصادف العيد هذه السنة فيما تعيش الكنيسة الكاثوليكية اليوبيل الاستثنائي للرحمة الذي أردت أن أقيمه كزمن ملائم للتأمُّل بسرّ محبّة الآب اللامتناهية التي ظهرت بالمسيح ولكي تكون شهادتنا لهذا السرّ أقوى وأكثر فعّاليّة.
تابع الأب الأقدس يقول إن القديسين بطرس وبولس، في حياتهما الشخصيّة، وللعديد من النواحي، قد اختبرا الخطيئة أولاً ومن ثم قوّة الرحمة الإلهيّة. ومن خلال هذه الخبرة أصبحا، بطرس الذي أنكر معلّمه وبولس الذي كان يضطهد الكنيسة الناشئة، مبشرَين لا يكلان وشاهدَين شجاعين للخلاص الذي قدّمه الله لكل إنسان في يسوع المسيح.
أضاف الحبر الأعظم يقول باحتفالنا بعيد الرسل نجدّد ذكرى خبرة المغفرة والنعمة تلك التي تجمع جميع المؤمنين في المسيح. لقد وُجدت، منذ القرون الأولى، اختلافات عديدة بين كنيسة روما وكنيسة القسطنطينيّة في الإطار الليتورجي والأنظمة الكنسيّة وفي أساليب التعبير عن الحقيقة الوحيدة المُلهَمة. لكن وبالرغم من هذا وفي أساس جميع هذه الأشكال الملموسة التي اتخذتها كنائسنا خلال هذه المرحلة، وُجدت على الدوام خبرة محبّة الله اللامتناهية لضعفنا وهشاشتنا ودعوتنا لنكون شهودًا لهذه المحبّة تجاه الجميع. إن الاعتراف بأن اختبار رحمة الله هو الرابط الذي يجمعنا يشير على أنه علينا دائمًا أن نجعل من الرحمة المعيار لعلاقاتنا المتبادلة.
تابع البابا فرنسيس يقول يقدّم الحوار اللاهوتي أحد الإسهامات لتخطّي العوائق التي تمنع من إيجاد تلك الوحدة التي عشناها في الألفيّة الأولى والتي لم تكن أبدًا تطابقًا، وإنما وعلى الدوام شركة في احترام الاختلافات. أيها المتروبوليت العزيز ميتوديوس أرغب بالتعبير لكم عن تقديري للعمل الخصب الذي قام به المجلس اللاهوتي الأرثوذكسي- الكاثوليكي في شمال أمريكا. وفي هذا السياق أفرح لأن اللجنة الدولية للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسيّة ستجتمع مجدّدًا في شهر أيلول سبتمبر المقبل. إن دور هذه اللجنة لقيّم جدًّا؛ لنطلب من الربِّ إذًا أن يستمرَّ عملها بشكل مثمر.
أضاف الحبر الأعظم يقول أشكر الرب لأنه وفي شهر نيسان أبريل الماضي منحني الفرصة لألتقي بالأخ الحبيب برتلماوس عندما زرنا مع رئيس أساقفة أثينا وسائر اليونان هيرونيوس الثاني جزيرة لسبوس لنلتقي باللاجئين والمهاجرين. إن رؤية اليأس على وجوه الرجال والنساء والأطفال غير الواثقين بمصيرهم والاستماع عاجزين إلى قصة محنهم والتوقف للصلاة عند شاطئ ذاك البحر الذي ابتلع حياة العديد من الأبرياء قد شكّلت جميعها خبرة مؤثِّرة جدًّا أكّدت كم لا يزال أمامنا لنقوم به لنؤمّن الكرامة والعدالة للعديد من الإخوة والأخوات. كما وشكّل تعزية كبيرة، في تلك اللحظات التعيسة، القرب القوي البشري والروحي الذي اختبرته مع البطريرك برتلماوس ورئيس الأساقفة هيرونيموس. وإذ يقودنا الروح القدس، ندرك أكثر فأكثر بأننا نحن الكاثوليك والأرثوذكس لدينا مسؤوليّة مشتركة تجاه المعوزين طاعة لإنجيل ربنا يسوع المسيح.
تابع الأب الأقدس يقول يا صاحب السيادة، أيها الإخوة الأعزاء، لقد اختُتم منذ أيام قليلة المجمع الأرثوذكسي الكبير. مع العديد من الإخوة والأخوات الكاثوليك والمسيحيين من كنائس أخرى رافقتُ بالصلاة تحضيرات هذا المجمع وانعقاده. ليجعل الروح القدس هذا الحدث يحمل ثمارًا وافرة من أجل خير الكنيسة.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول وإذ أجدّد التعبير عن امتناني لحضوركم وأؤكّد لكم محبتي الأخويّة واحترامي للبطريرك المسكوني، لنكل نوايا صلاتنا إلى شفاعة العذراء الكليّة القداسة والقديسين بطرس وبولس واندراوس، وأسألكم أن تصلّوا من أجلي ومن أجل خدمتي.
المصدر: موقع إذاعة الفاتيكان