Pixabay CC0 PD

(11) نوم الحب. نشيد الأناشيد

“النوم” في الكتاب المقدس يحمل معانٍ كثيرة

Share this Entry

ونعود للنشيد، لهذا الحب، لهذا الذي يبحث عنه كل من يدرك ومن لا يدرك، وهنا نرى بُعد جديد: تقول الحبيبة (2:5-8)
بينما كنت نائمة ولكن قلبي كان مستيقظ: تعبير قوى، أنهكها التعب والسهر ولكن لا يزال قلبها ينتظر، لا يزال كيانها يرجوه، يتمناه. نعم هي نائمة، و “النوم” في الكتاب المقدس يحمل العديد من المعاني. من ناحية النوم يشير للضعف والاستسلام والعجز (مز 76: 6). المزمور يتحدث عن هزيمة الأعداء وعدم قدرتهم في الصراع واستسلامهم فيقول ان قوتهم قد سُلبت، فناموا. ايضا التلاميذ في بستان الزيتون، ناموا من الحزن (لو 22: 45).
يُشير أيضا لعدم الاهتمام بالآخر، فيقول سفر ناحوم: “لقد نَعسَ رُعاتكَ” (3: 18). نام الرعاة ولم يعودوا مهتمين بالشعب؛ ناموا، اي توقفوا عن خدمة الشعب. ايضا يونان النبي عندما هرب من وجه الرب ولم يرغب ان يحمل رسالة الخلاص لنينوى ينزل لعمق السفينة كي يهرب فينام. لا، بالأحرى “يستغرق في النوم” (يونان 1: 6).
ينام الأقوياء، ينام الرعاة، ينام التلاميذ، ينام يونان وغيرهم كثيرين، لكن الرب لا يغفو ولا ينام (مز 121: 3- 4). الرب لا ينام فهو كالرقيب، الذي يحمي بينما ينام الآخرون؛ يسهر كي يستطيع الإنسان أن ينام، وفي النوم يتدخل ويعمل. فعندما خلق الله أدم قال: “لا يَحسُنُ أن يكون الإنسان وحده، فلأصنعنَّ له عوناً يُناسبه….فأوقع الرب سُباتاً عميقاً على الإنسان فنام…..وخلق منه حواء” (تك 2: 18- 20). الإنسان لا يستطيع أن يخلق لنفسه العون المناسب، الإنسان لا يستطيع أن يشبع وحدته بنفسه. فيُنزل الرب على الإنسان سُباتا فينام كي يستطيع ان يعمل. فالنوم، الذي هو علامة على عدم قدرة الانسان على فعل أي شيء، من ناحية، يصبح فرصة لله كي يعمل هو كل شيء من اجل الإنسان. من نوم أدم وعدم قدرته يُخرج الله حياة جديدة. من نوم ادم ووحدته التامة والانعزال الكامل يخلق الله امكانية الحب.
ايضا يوسف البار ينام بعد ان قرر ان يُطلق العذراء مريم لشكه فيها. وفي نومه يظهر له ملاك الرب ويشجعه ان لا يخاف بأن يأخذ مريم لبيته لأن المولود منها هو ابن العلي (مت 1: 18- 21). نوم يوسف يصبح إمكانية لله كي يتدخل ويشرح له معنى الأحداث؛ معنى أحداث حياته.
كثيرة هي الأحداث التي تشكك الإنسان اليوم، وكثيرة هي الأحداث الشخصية التي تجعل الانسان نائم وعاجز (فشل علاقة – عجز – مرض) عن فعل أي شيء. لكن قلبه مازال مستيقظ ينتظر هذا الحبيب وان كان لا يعرفه. مثل هذه الحبيبة، نامت هي ايضا ولكنها تنتظر…. ماذا؟
…. للمرة القادمة
أيام مباركة

Share this Entry

الأب د. هاني باخوم

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير