كنّا قد بدأنا في مقال سابق بعرض وجهة نظر الأب سمير خليل سمير اليسوعي، والتي عبّر عنها ضمن مقال نشره موقع asianews.it الإلكتروني، حيال الإرهاب الإسلامي الذي يحصل في ألمانيا وفرنسا. وبعد أن عرضنا الوقائع الخاصّة بالتقارير الصادرة، سنتطرّق إلى القراءة السياسيّة، ودائماً من منظار الأب سمير.
شكّلت الاعتداءات في ألمانيا صدمة للجميع. فالبلد الذي استقبل أكثر من مليون مهاجر وأدخل أولادهم المدارس ومنحهم الهبات الماليّة، مُلام بشخص أنجيلا ميركل على كونه كريماً في الترحيب باللاجئين. لعلّ الوضع يتغيّر: عندما كان اللاجئون بالآلاف، كان الاندماج مخفّفاً. لكن بعد أن أصبحت الأعداد بمئات الآلاف، بدأ برنامج الاندماج يضعف. وفيما يقول العديد من الألمان إنّ سبب الأزمة في برنامج الاندماج هو الأعداد الكبيرة، يرى الأب سمير أنّه مقارنة مع باقي أوروبا، كانت ألمانيا نموذجاً في الجهود التي بُذلت لدمج اللاجئين. من هنا، يبقى الحلّ الدمج، وليس رفض المهاجرين.
لكن وللأسف، يصعب دمج الإسلام لأنّ ثقافته تعاكس الثقافة الغربيّة الحاليّة، سواء كان دينياً أو اجتماعياً، أو من حيث العلاقات بين الذكر والأنثى، وعادات الطعام… وإلى ما هنالك من نظام كامل مختلف كلياً. إنّ كون الإسلام ديناً مختلفاً ليس المشكلة، بل إنّ المشكلة تكمن في كون الإسلام مرتبطاً بنظام سياسي واجتماعي وثقافي وتاريخي يؤثّر على كلّ شيء، بدءاً من كيفية ارتداء الملابس، وصولاً إلى المصافحة والعلاقات الاجتماعية.
هناك العديد من الأمور التي تصعّب فهم أفكار الغرب. واليوم، التأثير الإسلامي الأصولي الذي يقترح عالماً مختلفاً من جميع النواحي يصعّب الاندماج أكثر فأكثر.
في العالم العربيّ، يُقال إنّ السعودية وقطر هما خلف الإرهاب الإسلامي. فبدايات تاريخ الحركة الأصوليّة كانت تتمحور حول القضاء على الشيعة في العراق وإيران، لتتحوّل بعدها إلى صراع ضدّ الجميع. بعد أن كان الغرب يُعتبر نموذجاً للتطوّر والتحرّر، أصبح الآن بالنسبة إلى العديد من المسلمين مجتمعاً مرفوضاً، لذا وُجد شكل جديد للإسلام، وهو يُدعى الأصوليّة. وإن تمّ الحفاظ على الوضع الإسلامي الحالي بوجود “الإخوة المسلمين” و”السلفيّين”… فالاندماج بغاية الصعوبة. لكن إن انفتح المسلمون أكثر على غيرهم، وإن وافقوا على التعلّم من الغرب، فالأمر سيكون ممكناً. وهذا هو الصراع الكبير في حقبتنا.
ويختم الأب سمير قائلاً: علينا أن نتحلّى بالشجاعة الكافية لنقول إنّ الإسلام يضمّ بعض عناصر العنف في القرآن وفي حياة النبي محمد، حتّى ولو أشار بعض السياسيّين (مثل تيريزا ماي) إلى أنّه ما من آية في القرآن تضمّ العنف والحرب، في محاولة للتخفيف من المشكلة. وإن تابعنا قول “إنّ الإسلام ديانة سلام”، سنكون نخلق ارتباكاً وغموضاً. ويبقى السؤال الأهم: لمَ يعمد السياسيّون إلى خلق هذا الارتباك؟
يجيب الأب سمير: للحصول على تصويت المجتمعات المسلمة، كما هي الحال في فرنسا التي قدّمت لسنوات عديدة أراض للمساجد والمراكز الإسلاميّة، فأصبحت مليئة بمساجد تموّلها بلدان تدعم الإرهاب.
هناك فقدان للحسّ الأخلاقي لدى السياسيين، بما أنّهم مستعدّون لفعل أيّ شيء لكسب الأصوات. حتّى وأنّ هناك القليل من الجهل، إذ يجب ألّا يقول أحد إنّه لا وجود لآيات العنف في القرآن. ودمج الجهل مع فقدان الحسّ الأخلاقي… انفجاريّ!