من يسمح لنعمة الله أن تعمل في حياته يعيش تطهيرًا متواصلاً يجعله أكثر فأكثر “كمثال” الله (راجع تك 1 ، 26 – 27). وهذا التقارب الوجودي هو المعنى الأعمق والغاية السميا للصلاة المتواصلة التي يتحدث عنها الرب يسوع والقديس بولس (راجع لو 18، 1؛ 1 تسا 5، 17).
الصلاة المتواصلة ليست تكرارًا بلا انقطاع لصلوات محفوظة غيبًا، بل هي قلب منفتح دومًا على عمل الله، قلب نبيه، صادق يجتاحه شوق الاتحاد. الصلاة المتواصلة هي قلب يناجي الله دومًا من خلال صوت الروح في القلب.
الصلاة المتواصلة هي عندما يتوصل الإنسان إلى عيش الصلاة ليس فقط كفعل، بل كحالة وجودية.
يخبرنا القديس أغسطينوس عن هذه الصلاة بالقول: “إذا كان توقك بلا انقطاع، فبلا انقطاع أيضًا صلاتك”.
ويشرح القديس إسحق السرياني أن هذه الصلاة الجوهرية والمتواصلة هي “النقطة الأسمى في كل جهاد تقشفي”. ويوضح أنه عندما يلج الروح في قلب إنسان، هذا الإنسان لا يعود يتوقف عن الصلاة، لأن الروح يصلي فيه بلا انقطاع.
الصلاة الحقة لا تنتهي عندما ننتهي من تلاوة الصلوات. فاللقاء بالحبيب في أوقات الصلاة “الرسمية” ليس بمثابة واجب نتممه وننتهي منه، بل هو وقفة لتعميق الحضور ولإزكاء نار الشوق الإلهي.
دعوتنا لا تقتصر على الإصغاء لدعوة الله، للعيش في مكان أو حالة ما. دعوتنا الأعمق هي أن نقيم في كيان الله، أن نعيش حياة الله. دعوتنا هي “التأليه” (Theōsis) كما يردد آباء الكنيسة الشرقية. وتأليهنا يتم من خلال الحوار القلبي الصادق مع المحبوب الذي لا يتوقف فقط على الحوار بل يضحي حياةً. لذا، ومع انتهاء سلسلة “حدثني عن الصلاة”، سننظر قريبًا، بعون الرب، في البعد العملي الذي ينبع من هذا البعد، بُعد المحبة المتجسدة.
تم.
Josealbafotos - pixabay - cc0
الصلاة المتواصلة – حدّثني عن الصلاة – 11
دعوتنا لا تقتصر على الإصغاء لدعوة الله، للعيش في مكان أو حالة ما. دعوتنا الأعمق هي أن نقيم في كيان الله، أن نعيش حياة الله. دعوتنا هي “التأليه”