حاليّاً، يعيش المؤمنون من حول العالم زمن المجيء، الذي هو زمن قويّ من التوقّع، ومليء بالعديد من الفرص الروحيّة. إلّا أنّ المسيحيين، ومع إعادة تقييم حياتهم وتوجيهها نحو الرب، هم مدعوّون للتعمّق في صلاتهم.
إنّ الحياة الداخليّة ليست مهمّة سهلة، بما أنّها لا تتبع النظام الاعتيادي للعالم المادي. وبحسب ما كتبه الأب جيفري ف. كيربي ونشره موقع cruxnow.com الإلكتروني، إنّ حياة الروح تتبع نظامها الخاصّ المعاكس لوجود تجاريّ يطبعه المقابل التعويضي. وبهدف النموّ في الحياة الروحية، يجب فهم طبيعة الصلاة، كما أنّه على الشخص أن يدرك أنّه عبر الصلاة، إنّما يخاطب إلهاً يحبّه بعمق، ويرغب في أن يكون معه على علاقة دائمة. وعندما يفهم المؤمن ذلك، عليه أن يعمل لأجل تفادي أيّ تمتمة في الصلاة… كالوثنيّ. فالصلاة الشبيهة بالصلاة الوثنيّة يمكن أن تُلخَّص بالاعتقاد الخاطىء بأنّه على الإنسان أن يقنع الله بأن يبادله بشيء جيّد هو أو أحد أحبّائه أو حتّى البشريّة.
وفي هذه المقاربة، ثمة اعتقاد خاطىء أيضاً بأنّه يجب أن تنهال الصلوات على السماء، مع اتّباع سلسلة تقاوى للتأثير على الله و”إكراهه” على تلبية طلب ما. إلّا أنّه على هذا النوع من الصلاة الوثنيّة أن “يُطرَد” من قلب المسيحي، كما تُطرد الأرواح، بهدف التوصّل إلى حياة روحيّة أصيلة.
وكلّما تمكّن المؤمن من التعرّف على عناية الله وعطفه عليه بطرق عظيمة، تمكّن أيضاً من إيجاد سلام أعمق في الصلاة، لإدراكه أنّه يخاطب إلهاً محبّاً لا يرغب إلّا في فعل ما هو أفضل له وللبشريّة أجمع. من هنا، يتعلّم المؤمن حقيقة أساسية في الحياة الروحية، ألا وهي أننا نصلّي ليس لتغيير الله، بل لنسمح له بتغييرنا.
وعلى ضوء هذه الحقيقة، تتمّ رؤية الصلاة بقدسيّة أكبر ضمن إطار العلاقة مع الله، فيصبح المؤمن يرى صلواته كطريقة تمكّنه من فهم وتقبّل إرادة الله، عارفاً طيبته الأبدية ولُطفه حيال البشر والخلق كلّه، وعارفاً أيضاً أنّه يستطيع دائماً أن يقدّم له نواياه وطلباته… لكن هذه المرّة بطريقة بعيدة كلّ البُعد عن الوثنيّة.
إنّ تشكيل عادة الصلاة هو معركة، لكن ليس على هذا الأمر أن يُخيف أصحاب الإيمان، بل عليه أن يذكّرهم بأنّ هذه “المصارعة” داخل روح الإنسان تُظهر حاجتها إلى الله طوال الدرب إلى القداسة، بالإضافة إلى تغذيتها التواضع في داخلها.
ولعلّ أبرز أمثولة نتعلّمها من يسوع المسيح هي ما حصل في بستان الجسمانية: فعلى الرغم من أنّ طبيعته البشريّة كانت تتمزّق جرّاء الألم والحزن، صمد الرب وواجه التجربة، مُحافظاً على روح الصلاة ومتمسّكاً بثقته بالله.
فليجدّدنا الله جميعاً وليشفِنا وليباركنا في زمن المجيء هذا، كما لطالما فعل لأجل أحبّائه خلال تاريخ الخلاص!