صباح اليوم، تلا الأب رانييرو كانتالاميسا الكبوشي وواعظ الدار الرسولية عظته الثانية الخاصة بزمن المجيء. أمّا أبرز ما جاء فيها فتمحور حول التأمّلات بعمل الروح القدس في حياة المسيحي، أو ما يُعرف بتمييز الأرواح، أو إمكانيّة معرفة ما يأتينا من الروح القدس وما يأتينا من أرواح أخرى بشرية أو حتّى شيطانية.
ضمن عرضه للأمور، تكلّم الأب كانتالاميسا عن نوعين من التمييز يجب التنبّه لهما.
التمييز في الحياة الكهنوتية
قال الأب كانتالاميسا إنّ هناك ناحيتين لممارسة تمييز صوت الروح القدس: الكهنوتية والشخصية. فمن الناحية الكهنوتية، يحصل تمييز الأرواح عبر السلطة التعليمية للكنيسة الكاثوليكية، والتي تأخذ بعين الاعتبار علامات الأزمنة. وهنا، شدّد كانتالاميسا على المشاكل الأخلاقيّة، لا سيّما تلك المتعلّقة بقراءة علامات الأزمنة وشرحها على ضوء الإنجيل، بهدف التوصّل إلى إعطاء الأجوبة المناسبة لكلّ مشكلة. كما وأشار الأب الكبوشي إلى أنّ الثقة بقدرة الروح القدس والصلاة له هي التي تُنقذ الوضع.
التمييز في حياتنا الخاصّة
في هذا القسم، تكلّم الأب كانتالاميسا عن هبة التمييز التي رافقت الناس على مرّ العصور، قائلاً إنّ الهبة اتّخذت أحياناً شكل النبوءة، فيما كانت تخدم هدف تمييز الإلهامات الخاصّة لدى البعض الآخر، مع العلم أنّها الهبة نفسها، وهي التي تنطبق أيضاً على موهبة المشورة بما أنّ الروح القدس يساعدنا على تقييم الأوضاع وتوجيه خياراتنا، ليس فقط بناء على الحكمة البشرية والحذر، بل أيضاً على ضوء مبادىء الإيمان الفائقة الطبيعة.
أمّا التمييز الأساسي للأرواح فهو الذي يسمح لنا بتفريق روح الله عن روح العالم، وهذا ما دفع القديس إينياس دي لويولا بتطوير تعليمه حول التمييز. وهو قد دعانا للتفكير في أمر واحد: نزعاتنا الداخليّة الشخصيّة أو النوايا التي تكمن خلف خيار ما.
لا يمكن لأحد أن يفحص الأرواح ليعرف إن كانت من الله، إلّا إن وهبه الله هذا التمييز للتوصّل إلى الحكم الحقيقي. كما وأضاف كانتالاميسا أنّ هناك عقيدة “اللامبالاة المقدّسة” التي تقضي بتقبّل إرادة الله والتخلّي عن الخيارات الشخصية.
“الهداية من الروح القدس”
ختم الأب كانتالاميسا عظته قائلاً بإنّ ثمار هذه التأمّلات يجب أن تسفر عن قرار متجدّد لنعهد بأنفسنا كلياً للإرشاد الداخلي للروح القدس. وكما يسوع لم يتصرّف يوماً بدون اللجوء إلى الروح القدس، فلنحذُ نحن أيضاً حذوه كي لا ندع التجربة تنال منّا. فالروح القدس يرشد الجميع ويهدي، لذا علينا أن نصغي جيّداً إلى همساته.
إنّ التمييز بجوهره ليس فنّاً أو تقنيّة، لكنّه قدرة خارقة وموهبة من الروح القدس! “وحده الروح القدس يمكنه تنقية العقل”.