لمناسبة اليوم العالمي الحادي والعشرين للحياة المكرّسة، شجّع البابا فرنسيس كلّ الأشخاص المكرّسين حتى يعيشوا بين شعبهم مدركين إرثهم من دون أن يتشبّثوا بموقف دفاعي عند التغيّرات الطارئة الحاصلة في المجتمع.
ردّد البابا في خلال القداس الذي احتفل به يوم الخميس 2 شباط لمناسبة عيد دخول المسيح إلى الهيكل، “بنشيد سمعان الذي هو نشيد المؤمن القائل في نهاية حياته: “بحقّ، إنّ رجاء الله لا يخيّب أبدًا” مذكّرًا بأنّ “نشيد الرجاء هذا، حصلنا عليه كإرث من آبائنا”. ثم توسّع البابا ليتحدّث بتأمّل شعري إلى حدّ ما عن العلاقة بين الإرث والرغبة الروحية والدعوة النبوية.
قال: “من الجيّد أن نقبل حلم آبائنا حتى نتنبّأ اليوم ونجد من ألهب قلبنا يومًا. حلم ونبوءة في آن! أن نتذكّر كيف حلم أجدادنا وآباؤنا وأمّهاتنا ونشجّع على استمرار هذا الحلم بشكل نبوي”. ثم استنكر البابا “تجربة الحياة الباقية” التي تجعل الحياة المكرّسة “عقيمة”، إنه شرّ يتغلغل تدريجيًا فينا وفي جماعاتنا. إنّ موقف البقاء على قيد الحياة يجعل منا رجعيين يتملّكنا الخوف؛ إنه يجعلنا منغلقين ببطء وصمت في بيوتنا ومساراتنا”.
وتمامًا مثلما استنكر القديس البابا يوحنا بولس الثاني الروتين المتصلّب “لموظّفي الله” أمام الملايين من الكهنة المجتمعين في آرس عام 1986، كذلك استنكر البابا فرنسيس أيضًا أمام كل الرهبان والمكرّسين “تجربة البقاء على قيد الحياة التي تجعلنا ننسى النعمة لنصبح محترفين في المقدّسات إنما ليس آباء وأمهات أو إخوة في الرجاء الذي نحن مدعوون إلى التبشير به. إنّ هذا الجوّ من “البقاء على قيد الحياة” يقسّي قلوب شبيبتنا من خلال حرمانهم من القدرة على الحلم وجعل النبوءة المدعوين إلى إعلانها وتحقيقها عقيمة”.
من المهمّ “أن يكون الشخص المكرّس منخرطًا مع يسوع في الحياة، ضمن إطار من “التحوّل المتعدد الثقافات” الذي يمكن أن يزعزع الاستقرار وفي خضمّ هذه التحوّلات الكبيرة من حولنا وليس من خلال اعتماد موقف دفاعي غير نابع من قلبنا بل واضعين أيدينا على المحراث وباحثين عن الحنطة المزروعة غالبًا بين الزؤان. أن نضع يسوع وسط شعبه يعني أن نملك قلبًا تأمّليًا قادرًا على تمييز يسوع الذي يسير في طرقات مدننا وقرانا وأحيائنا”.
ثم دعا البابا في الختام كلّ المكرّسين إلى مرافقة يسوع “حتى يلتقي شعبه ويكون هو في وسطهم، ليس في الرثاء أو القلق على من نسي أن يتنبّأ لأنه لا يهتمّ بأحلام آبائه بل بالتسبيح والصفاء؛ ليس من خلال التحريض إنما بالصبر الذي يتحلّى به من ينصاع للروح، سيّد الأحلام والنبوءة. وهكذا، نتشارك ما ننتمي إليه: النشيد الذي يولد من الرجاء”.