“من بينكم، وبين الكرادلة، يوجد البابا المستقبليّ الذي أعده منذ اليوم باحترامي وبطاعتي غير المشروطين”. هذه الكلمات التي تلاها البابا بندكتس السادس عشر في اليوم الأخير من حبريّته بتاريخ 28 شباط على مسامع الكرادلة المجتمعين، مضى عليها أربعة أعوام، وما زال صداها يتردّد كإرث لاهوتي وروحي ثمين للكنيسة برمّتها.
في الواقع، ومع إعلانه عن استقالته من منصب خليفة بطرس بعد 8 أعوام على شغله، “أسّس” البابا بندكتس السادس عشر بطريقة ما “تقاعد” البابوات، تحت شعار “الاحترام والطاعة” لخليفته.
وبناء على ما ورد في مقال أعدّته أنيتا بوردان من القسم الفرنسي في زينيت، أكّد بندكتس آنذاك في كلمته أمام الكرادلة أنّه يرغب في أن يبقى قريباً منهم عبر الصلاة، كي يكونوا طيّعين لإلهامات الروح القدس بهدف انتخاب الحبر الأعظم الجديد، مباركاً إيّاهم ومعلناً بذلك عن لقائه الأخير معهم في حبريّته.
في السياق عينه، ذكر بندكتس في كلمته أفكاراً من رومانو غارديني حول الكنيسة كإرث روحي يتركه لكلّ كاثوليكي: “الكنيسة ليست مؤسّسة مبنيّة بطريقة نظريّة بل هي حقيقة حيّة تعيش، كالبشر، على مرّ الأزمان عبر التغيّر… لكنّها في طبيعتها تبقى نفسها وقلبها هو المسيح”.
كما وأضاف بندكتس شارحاً أنّ الكنيسة تعيش وتكبر وتستيقظ في الأنفس التي، على مثال مريم، تستقبل كلمة الله عبر عمل الروح القدس، وتقدّم لله ذاتها، فتصبح قادرة على توليد المسيح في العالم، ليتابع هو بدوره السير عبر الأزمنة وفي كلّ مكان.