كنّا قد أوردنا في مقال سابق أنّ البابا فرنسيس التقى الأسبوع الماضي كهنة أبرشيّته ضمن تقليد مُتّبع في الصيام، وقد تلا على مسامعهم تأمّلاً بشقَّين، عالج الشقّ الأوّل كيفيّة التقدّم بالإيمان، فيما عالج الشقّ الثاني التقدّم في الإيمان بناء على اختبار القديس بطرس، وهذا هو القسم الذي سنطّلع عليه في مقالنا.
بناء على ما كتبته كونستانس روك من القسم الفرنسي في زينيت، أشار البابا إلى أنّ بطرس يحمل اسمين: سمعان وبطرس، شارحاً هذا التمييز بأنّه يمكن رؤية حياة سمعان بطرس كتقدّم في الإيمان بفضل مرافقة الرب الذي علّمه أن يميّز في قلبه ما يأتي من الآب وما يأتي من الشيطان.
أمّا اسم سمعان فقد تغيّر لحظة تبع أخاه أندراوس الذي قال له “لقد وجدنا المسيح”، ليصبح الاسم بطرس أي الصخرة، تماشياً مع الخيار الذي قرّره له المسيح لأجل رسالته: الصخرة التي سيبني عليها الكنيسة. نشير إلى أنّه بدل تغيير الاسم، أضاف عليه المسيح “بطرس”، ليصبح سمعان بطرس بدوره دائم الحركة حول المسيح، إذ شعر بثقل وقيمة اسمه المزدوج: سمعان الصيّاد والصديق، وبطرس الصخرة والذي يحمل المفتاح. من هنا، يمكن القول إنّ إيمان سمعان بطرس كبر بين الاسمين اللذين دارا حول يسوع.
من ناحية أخرى، تطرّق الأب الأقدس إلى غسل المسيح لرجلَي بطرس، مشيراً إلى تصرّف السيّد الذي انطبع في ذاكرة الكنيسة كحدث أساسي وكأمثولة تتمثّل بصورة الإيمان الذي صلّى المسيح على نيّته.
كما وتكلّم الحبر الأعظم عن التجربة التي تنمّي الإيمان، وعن طرح سؤال “أتحبّني” ثلاث مرّات لأنّ بطرس نكره ثلاث مرّات. من الممكن أن يكون هذا الضعف كان موجوداً في ذهن سمعان بطرس وأن يكون هذا الحوار قد ساعد على شفائه، لكن يمكننا أيضاً أن نعتقد أنّ الرب شفى هذا النكران عبر نظرته التي أبكت بطرس. وفي هذا الاستجواب، نرى طريقة الرب الذي ينطلق من شيء جيّد، ألا وهو سؤال “أتحبّني أكثر من هؤلاء؟” ليصل إلى “أتحبّني كصديق؟” لنقول إنّ كلام يسوع لا يحمل لوماً أو تأنيباً في الحبّ. فالصداقة هي التي تصحّح كلّ الباقي.
وختم البابا تأمّلاته قائلاً إنّ التجربة لازمت سمعان بطرس طوال حياته، مشيراً إلى أنّ إيمانه نما عبرها، بما أنّ سمعان بطرس كان أوّل بابا… على الرغم من أنّه خطىء ونكر المسيح! إنّ بطرس هو صورة الإنسان الذي يخضعه الرب في كلّ حين لفحص لإيمانه. “فلنطلب نحن أيضاً شفاعة بطرس ليثبّتنا في إيماننا كي نعزّز بدورنا إيمان إخوتنا”.