Pixabay Public Domain CC0

المسيح قام حقًا قام، فهل نحن نحيا كشهودٍ على ذلك؟

لقد قام! هَلُمّوا نحيا

Share this Entry

إن كنّا نبحث عن دلائل محسوسة لقيامة المسيح فعبثًا نقوم بذلك! ما من إثباتٍ يُلزم أحدًا أن يؤمن بالمسيح، فالله احترم حريّة الإنسان حتّى الموت على الصّليب، وإيماننا هو بإله قَبِلَ الموت صلبًا كإنسان ولكنّه قام في اليوم الثّالث كإله ولم يترك لأيّ إنسان أيّ دليل محسوس جامد، بل جعل من كلّ إنسان دليلٌ حيٌّ على قيامته.

إنّ الإيمان هو نعمة مجّانيّة من الله، وجواب الإنسان الحرّ لهذه العطيّة هو أن يختار أن يصبح علامة حيّة لقيامة المسيح، وأكبر خطر على المسيحيّة، هو وضع المسيح في الحفظ والصون في الكتب والاحتفالات وتركه هناك، فالمسيح أتى لينغمس في عالم الإنسان ويوميّاته، أتى ليحاكي واقعًا حيًّا ويخرج من جمود ألواح الحجر.

فإذًا، لا يكفي أن نعلن قولًا أنّ المسيح قام، بل علينا أن نعلن هذه القيامة قولًا وعملًا، ولكن ليس المطلوب أن نلبس المِسح، ولا أن نتكرّس، فكلّ ما ذُكر سابقًا هي دعواتٌ خاصة، أمّا المطلوب فهو أن نلبس المسيح، “أن نحيا بحسب مفاعيل القيامة”، فالقيامة هي إعلان أنّ المسيح حيّ، وإن لم نتذوق حلاوة ثمار حياته في حياتنا، فخير لنا أن نعلن أنّ المسيح مات حقًّا مات من أن نعلن أنّ قيامته لا ثمار فيها.

من مفاعيل القيامة هو أن يختار المرء أن يعيش، فالحياة مُعطاة لكلّ إنسان ليعيشها بملئها، وملء الحياة مع المسيح لا ينفي حقيقة وجود الصّليب. لا نختبر ملء الحياة إن لم نقبلها بكلّ ظروفها وصلبانها، فمن اختار الحياة مع المسيح وَجَد بالمصاعب دعوةً لتخطّيها بهدف التسامي بالحكمة والقامة والنّعمة، فيكتشف من جديد أولويّاته ودوافعه الأساسيّة. إنّ اختيار طريق الحياة هو أخذ قرار بالعيش، بكلّ شجاعة، كلّ مراحل الألم المدفون في أعماق الذات، وترسّبات الأحزان المترسّخة التي تؤدي الى اختيار طريق الموت لا طريق الحياة.

“الاختيار” هو عمل داخلي، هو طلب نعمة تمييز نور القيامة، هو عمل حرّ، عمل مؤسِّس لهويّة الشخص. إنّ اختيار الحياة والقبول بمحدوديّتنا ليس بتنازل، بل إنّه “نعم” حرّة واضحة وراسخة لا تراجع عنها أمام ما تؤتينا به الحياة. ثمّ إنّ تمييز الطرق هو أساسي من أجل الاختيار، يجب تسمية طرق الموت بأسمائها، تركها، وإعادة التوجّه الى الحياة. لا يمكن للإنسان اختيار الحياة بحقّ وأن يلبس الإنسان الجديد إن لم يسمح لقيامة المسيح أن تعرّيه من إنسان القديم تاركًا طريق الموت.

لا يمكننا أن نكون شهودًا على قيامة المسيح إن لم نثمر حياة، أي أن نصبح كشجرةٍ خصبة تعطي الحياة، على مثال يسوح المسيح الحيّ، فإن أردنا أن نلخّص مفاعيل القيامة بكلمة واحدة، لكانت “الخصوبة”. عطايا الله ليست بهدايا نحصرها لأنفسنا فحسب بل إنها عطايا من أجل الخصوبة، فعبرها سيدخل الإنسان بدوره في حركة الخلق والإعطاء. ما من مبدأ للخلق سوى الحب، فانطلاقًا من هذا المبدأ للحياة، الإنسان مدعو للخصوبة. الحب، إذًا، مزروعٌ ومتجذّرٌ في قلب الإنسان ومُعطى من أجل أن يزهر. العقم هو عكس الخصوبة، إنه حالة عدم حمل الثمر، والله وحده لديه سلطان على العقم، ليس هناك سوى قوة الله لإيجاد الحياة في أرض عقيمة يابسة.

بالختام، لا نجعلنّ مِن المسيح لأجلنا قُصة قبل النّوم، أو صليبَ زينةٍ على صدورنا…  فمن تجسّد لأجلنا صار إنسانًا حيًّا وتألّم ومات وقُبر وقام لأجلنا وهو يدعونا اليوم لنقدِّمَ شهادةً صادقةً لقيامته، فبعيشنا حياةً مثمرةً نشهد للمسيح القائم، وبموتنا نشهد أنّ المسيح غلب الموت وأعطانا الحياة الجديدة، فلنهتف سويًّا: لقد قام، هَلُمّوا نحيا.

Share this Entry

الشدياق إيلي سمعان

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير