خلال العظة التي تلاها صباح اليوم من دار القديسة مارتا، شجّع البابا فرنسيس الجميع على إعلان الحقيقة بدون تسويات ولا صلابة، مُديناً “العقليّة العقلانيّة”، وداعياً إلى عدم نسيان “قوّة الروح وحريّته”.
بعد فترة الاستراحة الخاصة بعيد الفصح، بناء على ما نقلته لنا آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت، استعاد الأب الأقدس نشاطه وبدأ نهاره بقدّاس علّق فيه على إنجيل يوحنا (3 : 1 – 8)، حيث يشرح يسوع لنيقوديموس أنّه “يجب أن نولد من فوق، وأن نعبر من عقليّة إلى أخرى”.
“تهبّ الرياح حيث تشاء: نحن نسمع صوتها، لكننا نجهل من أين تأتي أو إلى أين ترحل. وهكذا هي حال الروح. فالأمر يتعلّق بالسير على طرقات الروح بدون تسوية ولا صلابة، مع حرية الإعلان عن يسوع المسيح كما أتى: في الجسد”.
وأصرّ الحبر الأعظم في عظته على كون الإيمان محسوساً، متوقّفاً عند تصرّف الرسولين بطرس ويوحنا، اللذين ما إن خرجا من السجن حتّى تابعا التبشير: “هذا هو الجانب المحسوس للإيمان، والذي لا ينحني أمام المفاوضات للتوصّل إلى تسوية، أو لجعل الإيمان مثالياً”. هكذا، تمتّع بطرس ويوحنا “بصراحة الروح التي تعني التكلّم بكلّ انفتاح وشجاعة وحقيقة، تلك الصراحة التي تصل إلى الشهادة”.
الكلمة صار جسداً، ولم يصبح فكرة
وأضاف البابا فرنسيس في عظته: “أحياناً، ننسى أنّ إيماننا محسوس؛ فالكلمة صار جسداً ولم يصبح فكرة. وعندما نتلو قانون الإيمان، نتفوّه بأشياء محسوسة وواقعيّة: أؤمن بإله خالق السماء والأرض… أؤمن بيسوع الذي وُلد ومات… إنّها أشياء محسوسة، فقانون إيماننا لا يقول: أؤمن أنّه عليّ فعل هذا أو ذاك… لا!”
ومن هنا، تطرّق الأب الأقدس إلى نظرة مسنّي القانون قائلاً إنّه بالنسبة إليهم، لم يصبح الكلمة جسداً، بل أصبح قانوناً: “يجب فعل هذا وبهذه الطريقة”. وأضاف أسقف روما: “كانوا في قفص العقليّة العقلانيّة التي لم تنتهي معهم، لأنّ الكنيسة بذاتها أدانت العقلانيّة بعد أن سقطت مراراً في لاهوت الـ”يمكننا ولا يمكننا”، ونسيت قوّة الروح وحريّته”.
وختم البابا عظته قائلاً: “فلنطلب من الله اختبار الروح الذي يهبّ ويتلاشى فيما يقودنا، اختبار الروح الذي يعطينا مسحة الإيمان وواقعيّته”.