في حين أن الكفاءة هي جزء مهم من معادلة القيادة، فمهارات التعامل مع الآخرين لا تقل أهمية عنها، فالقائد الحقيقي يدرك أنه لا يمكن تجاهل احتياجات وتطلعات فريقه، لذلك تراه يعمل على خلق رباط من التفاهم بينه وبينهم، فيحصل بالمقابل على الولاء كمكافأة له، يقول ريتشارد موس “إن أعظم هدية يمكنك أن تهديها للآخرين هي اهتمامك وعنايتك الخالصة”.
يرتبط مفهوم القيادة في المقام الأول بمفهوم الفروسية والحماية، لذلك يبدو واضحاً أن القائد الفعال هو ذلك الشخص الذي يؤمن أن القيادة تقوم على خدمة الآخرين، ويعمل دوماً على تعزيز مفهوم الشراكة والولاء علاوة على حماية الآخرين والترابط معاً، إنه ذلك النوع من القادة الذي يمكن الاعتماد عليه، فهو جدير بالثقة، يملئه التفاني، وهو الفارس الملتزم بالولاء، فتراه يقف بجانب أفراد فريقه يدعمهم ويعمل على خدمتهم قبل أن يخدم ذاته.
كقائد، عندما تتمتع بشخصية الفارس، ستمنح أفراد فريقك الإحساس بالأمان عندما تمنحهم الحماية وتقدم لهم الخدمة، هذا الإحساس سيحفزهم للقيام بخطوات جريئة كأفراد، خطوات يمكن أن تقود عملك إلى فرص ونجاحات جديدة، وهذا ما يسمى بالولاء إنه عنصر أساسي في حياتنا المهنية والشخصية على حد سواء، فهو الترابط والحماية وهو مفتاح نجاح هذا الفارس.
فما هي صفات هذه الشخصية؟
التعبير عن رؤية مقنعة: عندما يخلق القائد وينقل رؤية مقنعة تقوم على قضية تخاطب مشاعر أفراد الفريق، فإنه بهذا يجسد الترابط بينه وبينهم، ويؤكد كل منهم التزامه تجاه الآخر من أجل خيرهم ولصالح المؤسسة، مما يدعم ولائهم لهذه الرؤية.
مثالاً يُحتذى به: يؤمن القادة بأن الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات، فهم يدركون أن القوة تكمن في أولئك الذين يشكلون مثالاً، سواء في الكفاءات أو المهارات التي يمتلكها هؤلاء القادة أو من حيث قوة الشخصية، لأن شجاعتهم وثقتهم يجب أن تكون معياراً يحتذي به الآخرون بلا شك.
الإنصات الفعال: يدرك القادة أن الاستماع إلى أفراد الفريق ومعرفة أهدافهم، ورغباتهم في هذه الحياة وما يدفعهم ويشعل شغفهم، بهدف مشاركتهم وتقديم الدعم لهم، هو إحدى أفضل الطرق للحصول على الولاء.
صادقاً مع نفسه: لا يمكنك أن تتوقع من أفراد الفريق الإخلاص إذا لم تكن أنت بدورك صادقاً مع نفسك، تتصرف بنزاهة وتسعى على الدوام لتقديم أفضل ما لديك.
الرعاية والاهتمام: تعرّف على أفراد الفريق كأشخاص أولاً، ثم كموظفين، وابحث عن فرص للتواصل معهم على المستوى الشخصي، لتتعرف أكثر على اهتماماتهم، هواياتهم، تطلعاتهم، وأهدافهم.
احترام الآخرين: كفارس، يجب أن تُظهر الاحترام للآخرين لكسب احترامهم وولائهم أيضاً، وهذا لن يتم إلا من خلال إشراكهم في المهام والمسؤوليات، وتمكينهم من اتخاذ القرارات لتشجيع نموهم وتحفيز القدرة لديهم على اتخاذ الفرص.
إن الصورة الكلاسيكية للفارس هي صورة الجندي المتمسك بمبادئ الفروسية، وذلك الشُجاع المدافع عن الآخرين وعن حقوقهم، وكذلك بالنسبة للقائد الفارس، فهو الملتزم بالولاء لشخص، لجماعة أو حتى لقضية، وعلى الرغم من امتلاكه لآراء قوية وعقل أقوى فإنه يؤمن أن القيادة تقوم على خدمة الآخرين ودعمهم بقلب معطاء، إنه يخدم بطرق عديدة، فعندما يقدم الفرص لأفراد الفريق، عندما يقدم أفضل ما لديه، عندما يُنشئ فريقا مترابطاً، وعندما يكون الولاء وخدمة الآخرين هما شعاره في عملية القيادة فهو بلا شك ذلك القائد والفارس.
CF. LollyDaskal. (2017).The Leadership Gap. What gets between you and your greatness. New York.PP. 171-194