“من يعاود إيجاد جذوره هو إنسان فرِح، فيما المنفى الذاتي النفساني مؤلم كثيراً”. هذا ما قاله الأب الأقدس اليوم خلال عظته التي ألقاها صباحاً من دار القديسة مارتا، بناء على ما أورده القسم الفرنسي من موقع راديو الفاتيكان الإلكتروني.
وقد حثّ الأب الأقدس المؤمنين على إعادة إيجاد الانتماء الذاتي، انطلاقاً من القراءات الخاصة بالطقس اللاتيني، والعائدة إلى سفر نحميا. نشير هنا إلى أنّ نحميا عبّر للرب عن رغبته في العودة إلى أورشليم وكان يبكي، لأنّه كان يحنّ إلى بلدته.
وفي المقطع الذي تمّت قراءته صباحاً، نرى أنّ نحميا يستعدّ ليُعيد الشعب إلى أورشليم، وهذه الرحلة كانت صعبة لأنه وجب عليه أن يُقنع الكثيرين بها لإعادة إيجاد الجذور، التي كانت قد أصبحت ضعيفة، غير أنّها لم تضع. وأشار البابا هنا إلى أنّ “استعادة الجذور تعني استعادة الانتماء إلى شعب، فبدون الجذور لا يمكننا العيش. والشعب الذي لا جذور له أو الذي يسمح بفقدان جذوره هو شعب مريض. إنّ إعادة اكتشاف الجذور تعني إيجاد قوّة المضيّ قدماً التي تثمر، لأنّ الشجرة التي تثمر تكون جذورها في الأرض!”
كما وذكر البابا المزمور الذي أشار إلى حنين العبريين الذين كانوا يجلسون ويبكون على ضفاف أنهر بابل، قائلاً إنّ هذا يجعله يستذكر “حنين اللاجئين” البعيدين عن بلادهم.
إلّا أنّ الحبر الأعظم عاد وقال إنّ طريق العودة يضمّ الكثير من المقاومة: مقاومة من يفضّلون المنفى، سواء كان جسدياً أو نفسياً أو منفى ذاتياً بعيداً عن المجتمع. “علينا التفكير في مرض المنفى الذاتي النفساني الذي يؤلم كثيراً، فهو يجرّدنا من جذورنا ومن انتمائنا”.
أمّا في نهاية القراءة، وبعد أن تجمّع الشعب لاستعادة جذوره وبكى فرحاً، دعاه نحميا للاحتفال، وهذا هو فرح من وجد جذوره. “إنّ من يجد جذوره هو إنسان فرح، وهذا الفرح هو قوّته”. وهنا، دعا أسقف روما الموجودين في الكنيسة إلى التساؤل إن كنّا ننسى الرب، أو إن كنّا ننطلق في الطريق لنعاود إيجاد جذورنا، أو إن كنّا نفضّل المنفى الذاتي.
وختم البابا قائلاً إننا إن كنّا نخشى البكاء، فسنخشى أيضاً الضحك، لأننا عندما نبكي حزناً، سرعان ما نعاود البكاء فرحاً. “إذاً، علينا أن نطلب نعمة أن نجيد البكاء على خطايانا، كما أن نعاود البكاء فرحاً لأنّ الرب سامحنا، وفعل بحياتنا ما فعله مع شعبه. فلنطلب نعمة الانطلاق في الطريق لنجد جذورنا”.