كيف يمكننا أن نجعل من مدارسنا الكاثوليكية جزءاً فاعلاً ومشاركاً في رسالة الكنيسة؟ سؤال يطرحه العديد منا مِن مَن يعملون في هذا الحقل.
علينا أن ندرك أولاً أن العملية التربوية عبارة عن رحلة وأن المدرسة أو أي مؤسسة تربوية هي مكان اللقاء على طول الطريق، حيث نلتقي من خلالها بأشخاص يختلفون عنا، في العمر، الثقافة، والقدرات، وواجبنا كمربين أن نسير معاً لنجعل من هذه الرحلة رحلة فرح وسعادة لبناء عالم أكثر اتحاداً ومستقبلاً ينعم بالسلام، من خلال مساعدة الشباب على التطور المتكامل اجتماعياً ومعرفياً، فالتعليم هو مفتاح التربية الشاملة، الإنسانية والتعليمية، التي تُعنى في بلوغ العقل والقلب، إنه المشاركة في الأمل حيث نتعلم من خلاله أن نرى، نصغي، نشعر، وأن ندرك جمال الحياة.
شدد قداسة البابا فرنسيس خلال لقاءه بالمشاركين في الجمعية العامة لمجمع التربية الكاثوليكية في شباط 2017 على دور المؤسسات التربوية الكاثوليكية في عالم اليوم مؤكداً أنها تشكل البيئة الأمثل لتعزيز الالتزام بالبشارة بالإنجيل وذلك من خلال ثلاث نقاط أساسية:
- نشر الثقافة: بين قداسته أهمية وضرورة أنسنة التربية في مواجهة الفردانية التي تسبب فقراً إنسانياً وثقافياً، مؤكداً على دور المؤسسات التربوية في تنشئة الإنسان، داعياً المربين إلى التعاون معاً لمساعدة الشباب كي يكونوا بناة عالم أكثر سلاماً.
- تعزيز ثقافة الحوار: لقد أصبح عالمنا قرية عالمية حيث ينتمي كل إنسان إلى الإنسانية ويتقاسم الأمل في مستقبل أفضل مع أسرة الشعوب بأكملها، لكن وللأسف نجد في المقابل أن هنالك أشكالاً كثيرة من العنف والفقر والاستغلال والتمييز والتهميش التي تقيد الحريات الأساسية وتخلق ثقافة الإقصاء، في هذا السياق، شدد البابا فرنسيس على أهمية ممارسة المؤسسات التربوية الكاثوليكية لقواعد الحوار الفكري التي ترتكز على الإصغاء وقبول الأخر وتشجيع التنوع الديني والثقافي، وتهدف إلى البحث عن الحقيقة أولاً.
- إسهام التربية في زرع الرجاء: لا يستطيع الإنسان أن يعيش بدون رجاء، والتربية تولّد الرجاء، في الواقع هي جزء من ديناميكية إعطاء الحياة، لذلك ركز قداسته على حاجة الشباب إلى هذه الحياة التي تبني المستقبل قبل كل شيء ودعا المربين إلى ضرورة الإصغاء لهم.
من المؤكد أن المؤسسات التربوية الكاثوليكية تسهم إسهاماً كبيراً في مهمة الكنيسة عندما تخدم النمو في الإنسانية والحوار والرجاء، بإعتبارها مؤسسات كنسية حقاً، تنشئ مجتمع المؤمنين وتنشر الثقافة وتخدم الصالح العام للمجتمع، فهي البيئة المتميزة التي يتم فيها تلقي التعليم المسيحي، إنها تراث هائل وأداة لا غنى عنها في تنفيذ مهمة الكنيسة في الألفية المسيحية الثالثة، ومهمة الكنيسة تكمن في تقديم الدعم والإرشاد للمدارس الكاثوليكية.
فضمان الهوية الكاثوليكية هو التحدي الأكبر للكنيسة لذلك نريد اليوم كنيسة تسير إلى جانب الآخر لا كنيسة مصغية فقط بل كنيسة ترافق الآخر في رحلة الحياة، بطريقة أخرى، واجب التعليم هو مسؤولية كنسية، والكنيسة ملزمة كأم في منح هؤلاء الشباب التعليم الذي يجعل حياتهم كلها مشبعة بروح المسيح.