“لا يكفي للسّماء أن يكون مسيحنا مات على الصّليب لأجلنا، بل أن نحملَ صليبنا. لا يكفي كَوْني مسيحيًّا، بل عليّ أن أعملَ، وأنا في حالة النّعمة أعمالًا صالحة.”
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشي….
وهكذا سلك أبونا يعقوب أجمل الدّروب… زوّده الله بأجمل الوزنات وأثمنها… كان أمينًا على الكثير… همّه الوحيد دخول الفرح الإلهيّ….
لأجل كلمتك يا ربّ، ألقى شباكه وراح يصطاد … اصطاد النّفوس المتألّمة، والصّارخة إلى عيش الرّحمة والفرح والحبّ…
هذا الحبّ … ذاك الزّاد المبارك الذّي حمله أبونا يعقوب، ومشى… حبّ، لا بل هديّة من أعماقه إلى تلك النّفوس، تجوّل في السّاحل والجرد ، يدعو النّاس إلى التّوبة، والعودة إلى أحضان الرّبّ مخلّصهم.
حبًّا بالرّبّ ، راح يدرّب النّفوس على الإيمان، وعيش الفضائل، لأنّ همّه الوحيد أن ينتشل هؤلاء، من أعباء الخطيئة، والفقر، والحرمان. ألحّ على نزع الرّداءة من النّفوس، كما ترفع الحجارة، والأشواك من الأرض، قبل زرع الكرم.
أحبّ القريب ، حبًّا بالرّبّ ، تشبّه عطاؤه بنعم الأرض، وخيرات السّماء . حاكى سخاء الطّبيعة تجرّدًا… تلك الطّبيعة الّتي تعطي دون انتظار الشّكر.
كان على ثقة أنّ المحبّة تبدأ بنا، لكنّها لا تنتهي فينا، بل تمتدّ إلى القريب، وهدفها هو تقديس النّفوس.
كان المعلّم والمرافق الرّوحي ، تأنّى بمساعدة الأخرين ، واعتبر حضوره بالقرب منهم، بمنزلة الدّواء للمريض، لأنّه كلّمهم باسم المسيح، مخفّفًا آلامهم باسم الصّليب …
ليتنا نصل، من خلال سعينا اليوميّ، إلى تخفيف آلامٍ، تجرّح أشواكها نفس قريبنا …. ليتنا نتأمّل المصلوب، ونستمدّ من خلال سرّ الفداء، ذاك الحبّ الذّي رفعنا إلى التّمتّع بفرح السّماء …
ليتنا نشرك آلامنا اليوميّة، بآلام المسيح، لنساهم في خلاص نفوس تئنّ عذاب الخطيئة …