تُعتبر بيئات التعلم الإيجابية والمنتجة مفتاح النجاح الأكاديمي والعاطفي والاجتماعي للطلاب في المدرسة، غير أن هذه البيئات لا تُخلق من تلقاء نفسها فهناك العديد من المكونات التي تدخل في خلق بيئة تعليمية إيجابية للطلاب، توفر بدورها مناخاً من الأمان وتعزز التفاعل الإيجابي والمهارات الحياتية الأخرى لديهم، وهو الأمر الذي يستحقه جميع الطلاب حيث تبقى القيم والأدوار ثابتة ويتم التركيز على الجوانب الإيجابية للتعلم، فيكون الطالب أكثر تفاعلاً وانفتاحاً وذلك لتأثير هذه البيئة وقدرتها على التحفيز الكلي للطالب، وكقائد تربوي في الغرفة الصفية فأنت الشخص القادر على خلق هذه البيئة لطلابك.
سنقوم أدناه باستعراض بعض استراتيجيات التعلم الإيجابي والعديد من النصائح البسيطة (حسب دراسة Hustle& Flow لإدارة الغرفة الصفية) والتي يمكن للمعلمين وحتى الآباء والأمهات استخدامها لخلق بيئة تعليمية إيجابية ومنتجة للطلاب:
- مخاطبة الطالب باسمه: أسماءنا هي هويتنا وعلينا استخدامها قدر الإمكان، لذلك وجب علينا كمربين حفظ أسماء الطلبة وكيفية نطقها بالشكل الصحيح.
- استخدام عبارات مؤثرة: علينا تفعيل بعض العبارات مثل “من فضلك” و”شكرا لك” في برنامجنا اليومي فنستخدمها في الاختبارات، الواجبات المنزلية، أوراق العمل، والعروض التقديمية، فاستخدام كلمة شكرا لك” عند الإجابة تُظهر للطلبة مدى تقديرك لما يقولون حتى لو كان الجواب خاطئاً، ولنضع في اعتبارنا مدى أهمية منح الاحترام في سبيل اكتسابه.
- الاستماع الجيد: يسعى الطالب دائماً لجذب انتباهنا وتركيزنا مما يدفعنا لأن نكون حذرين للغاية عند الاستماع له، لذلك نذكرهنا بعض التصرفات المرتبطة بلغة الجسد والتي يمكن أن تعكس اهتمامنا وقدرتنا على الاستماع الجيد سواء كنا نعني ذلك أم لا، حيث يمكن استغلالها بمنتهى السهولة كعدم الابتعاد عن الطالب جسدياً، عدم التحدث إلى شخص آخر، أو النظر بعيداً عند الاستماع له.
- اجعل غرفة الصف بيئة آمنة: من حق الطالب أن يشعر بأنه يدخل بيئة آمنة تضمن له الراحة والأمان من لحظة دخوله إلى الغرفة الصفية، فلا نسمح لأي نوع من الإساءة سواء أكانت لفظية أو جسدية بأي حال من الأحوال، فنحن المسؤولون عن ما نسمح به في الغرف الصفية، وما يهم حقاً هو التزامنا في تقديم الحماية وخلق فرص متكافئة للجميع قبل السعي إلى تقديم التعليم.
- استخدام التواصل البصري: التواصل البصري جزء مهم في خلق ثقافة الثقة، فالطالب يجب أن ينال الاهتمام الذي يستحقه كإنسان ذا قيمة، وعلينا أن نتعامل معه على هذا الأساس.
- طرح الأسئلة المفتوحة: أحد الطرق الفعالة لتحفيز القدرة على التفكير والإبداع والاستقلال هو طرح أسئلة مفتوحة، أسئلة ليس لها إجابة واحدة صحيحة أو خاطئة، وهذا النوع من الأسئلة مثل “ما رأيك؟” بدلاً من “لماذا؟” و”هذا ليس بالضبط ما أبحث عنه” بدلاً من “إجابة خاطئة” يثير الأفكار المذهلة ويفتح العقول ويمكّن المعلمين والطلاب من بناء المعرفة معاً، بحيث يشجع الطالب أن يفكر بحريه والمعلم من الحصول على أكثر من إجابة واحدة.
- ملاحظات ايجابية مجهولة المصدر: لتحقيق المزيد من المشاركة والإيجابية يمكن للطالب إبداء ملاحظات صادقة وإيجابية مجهولة المصدر من خلال تمرير أوراق فارغة مع اسم زميل له في الأعلى وكل طالب يمكنه كتابة تعليق إيجابي صادق عن صاحب الاسم المكتوب ومن ثم يتم قراءة ومناقشة هذه الملاحظات.
- الاصطفاف:في هذه الإستراتيجية يطلب المعلم من الطلاب الاصطفاف حسب مشاركة ومساهمة كل منهم وذلك من الأكثر إلى الأقل مشاركة، عندها سيلاحظ أن الطلبة سيحاولون تحسين أدائهم، هذا السلوك يشجع الطلاب على التنافس الإيجابي ويحفز لديهم القدرة على المشاركة والتحسن بشكل أكبر.
- التعلم بالاكتشاف: يقتصر دور المعلم عند اعتمادهذه الإستراتيجية على تشجيع الطالب على طرح الأسئلة واكتشاف المعلومات بنفسه من خلال عملية الاستقصاء والاكتشاف لما حوله، إنها طريقة تعتمد بشكل أساسي على الطالب فتنمي التفكير الإبداعي لديه حتى يصل إلى النتيجة النهائية.
- تحية الطلاب عند الباب: هذا السلوك من شأنه أن يخلق بيئة تعليمية مرحبة منذ البداية.
لكي يتعلم الطالب عليه أن يشعر بالأمان والانخراط والتواصل والدعم في الغرفة الصفية والمدرسة أولاً، هذه هي شروط التعلم الايجابي إنها عناصر البيئة المدرسية التي يواجهها الطالب شخصياً، وهي تساهم في التحصيل العلمي وترتبط بتحقيق النجاح الأكاديمي والشخصي وبتحسين العلاقات الإيجابية، إن الحاجة إلى إيجاد ظروف إيجابية للتعلم واضحة، ودور المعلم هنا يكمن في قدرته على الجمع بين الحاجة إلى بيئات التعلم الإيجابية التي تعزز الأداء الأكاديمي المحسن، مع القدرة على تعزيز النمو الاجتماعي والعاطفي للطلاب والتقدم داخل وخارج الغرف الصفية.