Regina Coeli 30 Avr. 2017, Capture CTV

مكوّنات الحياة السعيدة بحسب البابا فرنسيس

صلاة التبشير الملائكي لمنسابة عيد جميع القديسين

Share this Entry

“إنّ السعادة الحقيقية تكمن في أن نكون مع الرب وأن نعيش بالمحبة. هل تؤمنون بذلك؟” طرح البابا فرنسيس اليوم هذا السؤال مرتين قبل صلاة التبشير الملائكي اليوم في عيد جميع القديسين في الأول من شهر تشرين الثاني.

وقال في هذه المناسبة: “إنّ القديسين هم إخوتنا وأخواتنا الذين استقبلوا نور الله في قلبهم ونقلوه إلى العالم، (…) لقد جاهدوا من أجل الحق؛ هم رحماء إزاء الجميع، حافظوا على طهارة قلوبهم، عملوا دومًا من أجل السلام وهم دومًا فرحين، لا يبغضون أحدًا ويردّون على الشرّ بالخير حتى لو تألّموا”.

علّق البابا على إنجيل التطويبات الذي تمّت قراءته اليوم وقال: “إنّ مكوّنات الحياة السعيدة تُدعى التطويبات. لا تتطلّب التطويبات تصرّفات خارقة، هي ليست للرجل الغارق، بل هي لمن يعيش تجارب وتعب هذه الحياة”. وذكر “العديد” من قديسي الحياة اليومية الموجودين في العالم اليوم داعيًا إلى التصفيق الحار لهم. “اليوم هو عيد عائلي، عيد الكثير من الأشخاص البسيطين والمخفيّين الذين في الواقع، يساعدون الله في جعل العالم يتقدّم. وهم كثيرون اليوم! هم كثيرون. شكرا لهؤلاء الإخوة والأخوات الذين يساعدون الله في جعل العالم يتقدّم، والذين يعيشون بيننا؛ لنحيّيهم جميعنا بتصفيق حار!”

ننقل إليكم النص الكامل للتبشير الملائكي لمناسبة عيد جميع القديسين:

أيها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير وعيد مبارك!

إن عيد جميع القدّيسين هو “عيدنا”: ليس لأنّنا جديرون، إنما لأن قداسة الله قد لمست حياتنا. فالقدّيسون ليسوا نماذج مثاليّة، إنّما أشخاص قد “عبر الله من خلالهم”. يمكننا أن نقارنهم بزجاج الكنائس الملوّن، الذي يسمح للنور بأن يدخل بنغمات مختلفة من الألوان. والقدّيسون هم إخوتنا وأخواتنا الذين قبلوا نور الله في قلوبهم ونقلوه للعالم، كلٌّ بحسب “نغمته”. لكنّهم كانوا كلّهم شفّافين، وقد جاهدوا كي ينزعوا بقع الخطيئة وظلامها، فجعلوا نور الله اللطيف يمرّ من خلالهم. هذا هو هدف الحياة: أن نسمح لنور الله بأن يمرّ. وهو أيضًا هدف حياتنا.

في الواقع، إن يسوع في إنجيل اليوم، يتوجّه إلى خاصّته، يتوجّه إلينا جميعًا قائلًا “طوبى لكم” (متى 5، 3). وهي الكلمة التي بدأ بها بشارته، التي هي “الإنجيل”، أي الخبر السار لأنها سبيل السعادة. طوبى لمن يبقى مع يسوع، فهو سعيد. لا تكمن السعادة في أن نملك شيء ما، أو في أن نصبح أشخاصًا مهمين، كلّا، إنما السعادة الحقّة هي البقاء مع الربّ والعيش بالمحبّة. أتؤمنون أنتم بهذا؟ السعادة الحقّ لا تكمن في أن نملك شيء ما، أو في أن نصبح أشخاصًا مهمين: السعادة الحقّ هي أن نكون مع الرب وأن نحيا بالمحبّة. أتؤمنون بهذا؟ علينا أن نمضي قدمًا حتى نؤمن بهذا. مقوّمات الحياة السعيدة تُسمَّى بالتالي التطويبات: طوبى للمساكين، والودعاء لأنهم يفسحون المجال لله، لأنهم يعرفون كيف يبكون من أجل الآخرين وبسبب أخطائهم الشخصيّة، يبقون ودعاء، يجاهدون من أجل الحقّ؛ هم رحماء إزاء الجميع، يحافظون على طهارة قلوبهم، يعملون دومًا من أجل السلام وهم دومًا فرحين، لا يبغضون أحد، ويجيبون الشرَّ بالخير –حتى وإن كانوا يتألّمون.

هذه هي التطويبات. لا تتطلّب أعمالًا باهرة، وليست محصورة بالرّجال العظام، إنما لمَن يعيش التجارب والمصاعب اليوميّة، هي لنا نحن. هكذا هم القدّيسون: يتنفّسون مثل الجميع الهواء الملوّث بالشرّ الموجود في العالم، لكن لا يغيب عن بالهم في مسيرتهم الدرب الذي رسمه يسوع، والذي تشير إليه التطويبات، التي هي بمثابة خريطة الحياة المسيحية. اليوم هو عيد الذين وصلوا إلى الهدف المُحَدَّد في هذه الخريطة: ليس فقط قدّيسو التقويم، إنما الكثير من الإخوة والأخوات “القريبين”، الذين ربّما قد التقينا بهم أو عرفناهم. اليوم هو عيد عائلي، عيد الكثير من الأشخاص البسيطين والمخفيّين الذين في الواقع، يساعدون الله في جعل العالم يتقدّم. وهم كثيرون اليوم! هم كثيرون. شكرا لهؤلاء الإخوة والأخوات الذين يساعدون الله في جعل العالم يتقدّم، والذين يعيشون بيننا؛ لنحيّيهم جميعنا بتصفيق حار!

قبل كلّ شيء –تقول التطويبة الأولى- هناك “المساكين بالروح” (متى 5، 3). ماذا يعني؟ يعني أنهم لا يعيشون من أجل النجاح، والسلطة والمال؛ يعرفون أن من يجمع الكنوز لنفسه لا يغتني أمام الله (را. لو 12، 21). بل يؤمنون أن الربّ هو كنز الحياة، ومحبّة القريب هي المصدر الوحيد الحقيقيّ للربح. قد نستاء أحيانا لأنّه ينقصنا أمرٌ ما أو نهتمّ لأنه لا يتمّ تقديرنا كما نودّ أن نُقَدَّر؛ لنتذكّر أن سعادتنا لا تكمن بهذا، إنما بالربّ وبالمحبّة: فمعه وحده وبالمحبّة وحدها، نحيا بالطوبى.

أودّ في النهاية أن أذكُر تطويبة أخرى، لا توجد في الإنجيل، إنما في آخر الكتاب المقدّس وتتحدّث عن نهاية الحياة: “طوبى للموتى الذين يموتون بالربّ” (رؤ 14، 13). إنّنا مدعوّون غدًا إلى مرافقة موتانا بالصلاة، كي يتمتّعوا بالربّ إلى الأبد. لنذكُر الأشخاص الأعزّاء بكلّ امتنان ولنصلِّ لهم.

لتتشفّع، أمُّ الله، سلطانة القدّيسين وباب السماء، بمسيرة قداستنا وبأعزّائنا الذين سبقونا ورحلوا إلى الوطن السماوي.

صلاة التبشير الملائكي

بعد صلاة التبشير الملائكي

إني أشعر بالحزن إزاء الهجمات الإرهابية الأخيرة في الصومال وأفغانستان وبالأمس في نيويورك. وإذ أشجب أعمال العنف هذه، إني أصلّي من أجل الذين سقطوا والجرحى وأفراد عائلاتهم. لنطلب من الرب أن يغيّر قلوب الإرهابيين ويحرّر العالم من الكراهية والحماقة القاتلة التي تنتهك اسم الله كي تزرع الموت.

أتمنّى لجميعكم عيدًا مباركًا برفقة القدّيسين الروحية. ومن فضلكم لا تنسوا الصلاة من أجلي!

***********

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2017

Share this Entry

ألين كنعان إيليّا

ألين كنعان إيليا، مُترجمة ومديرة تحرير القسم العربي في وكالة زينيت. حائزة على شهادة تعليمية في الترجمة وعلى دبلوم دراسات عليا متخصّصة في الترجمة من الجامعة اللّبنانية. حائزة على شهادة الثقافة الدينية العُليا من معهد التثقيف الديني العالي. مُترجمة محلَّفة لدى المحاكم. تتقن اللّغة الإيطاليّة

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير