الطّاعة رأس النّذور الرّهبانيّة، وركنها، وعمادها، وقائدها، ومصباحها، وعيناها.
ثمار الطّاعة القداسة والحياة. وثمار المعصية البلايا والموت.
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
أنارت الطّاعة حياة أبونا يعقوب الرّهبانيّة ، فعاش الخشوع أينما حلّ. كان تواضعه سراجًا مضيئًا، استنار به إخوته الرّهبان، وأصدقاؤه، وكلّ من عرفه…
عاش أبونا يعقوب اللّطف، والطّيبة. شكره الدّائم لإخوته كلمة اعتاد تكرارها دومًا ” المحبّة ليسوع”، تلك المحبّة الّتي رفعت نفسه عن كلّ ما يجعله متعلّقًا بالأمور الأرضيّة.
عاش صبورًا، لم يعرف الجبن، هدفه الوحيد عيش الفضيلة، الّتي رسمت على ثغره ابتسامة راهب تخفي بين ثناياها، مشروع خلاصٍ وقداسة….
درّب نفسه على الإماتات والتّقّشف، سلوكه هذا غمر آلام المصلوب بباقات الفرح، وألحان الرّضى، والسّرور.
أتمّ نذوره بأمانة، واعتبر أنّ الرّاهب الّذي يعيش الطّاعة، هو شهيد أو بالأحرى يمكنه أن ينال الشّهادة إذا عرف كيف يتألّم كلّ يومٍ، بصبر وأناة.
عاش أحداثًا كثيرة تشير إلى خدماتٍ وتضحياتٍ كبرى، بذلها أبونا يعقوب في سبيل راحة الإخوة في الدّير .
في أثناء نزهة استغرقت يومًا، أعطى أبونا يعقوب صندله لصديقه الأخ” بروسبير”، إذ عند تسلّقه الصّخور، انقطع صندل هذا الأخير، أجاب أبونا يعقوب بعد أن رفض صديقه المساعدة:”لا تخف يا أخي لديّ حديد تحت رجليّ”.
إنّها النّخوة “الحديديّة” …إنّها المحبّة الصّلبة الّتي لا يهزّها الضّعف، ولا تلغيها شهوات الأنانيّة…
تُرى بما نصف لحظاتنا الّتي نعيشها؟؟؟ هل نسمح لأنانيّتنا بالنّزول عن أبراجها العاجيّة ، هل نسعى إلى تغيير سلوكٍ يبعدنا عن تواضع الإنسان المسيحيّ ، هل نقوم بتضحية في سبيل فرح قريبنا؟؟؟
بتنا نعيش حالة عشق، وهيامٍ بتلك “الأنا” الّتي تُعمي بصائرنا، عن رؤية نعمٍ زيّننا بها الرّبّ ..
بتنا سجناء وزناتٍ، لا نحبّ استثمارها في سبيل إسعاد القريب….
ليتنا نعيش تلك التّضحيّة، لا بل تلك المحبّة الّتي لاتتكلّم إلّا بلغة العطف والتّعاون…
ليتنا نتمتّع بتلك الخدمة الّتي تهمس في قلوبنا أجمل النّغمات، وتحوّلها إلى أناشيد فرحٍ وحكايا غبطة، نبلسم من خلالها جروحًا طعن بها قلب ربّنا يسوع المسيح….
فيكتوريا كيروز عطيّه