إنّ حبّك يا إلهيّ هو نظير الزّيت: يجب أن يطفو ويعلو على وجه جميع الأشياء. هكذا أيّها الإنسان أطرد كلّ شيء يحاول طرد محبّة اللّه منك …
الطّوباويّ أبونا يعقوب الكبّوشيّ
هذا هو الحبّ الّذي نبض، على وقع نغماته، قلب أبونا يعقوب…
ذاك هو نبض الحياة الّذي بثّ في عروقه أجمل أسرار الإيمان …
اعتبر أنّ حبّ يسوع صادق، لأنّه ليس من الّذين يأتون واضعين العسل على الشّفّة، والسّمّ في القلب، حبٌّ موثوق به، مشترك ومتبادل : يبكي معي إن بكيت، ويفرح إن فرحت.
هكذا اكتسب أبونا يعقوب ذاك الحبّ الّذي عاشه مع قريبه…
قاسى أبونا يعقوب الكثير من الجوع ، وكلّما حصل على رغيف ، كان يعطي ثلاثة أرباعه لمن مزّق الحرمان أحشاءه ، وترك لنفسه الرّبع الآخر. لم يتذمّر يومًا من الفاقة أو الألم ، فقد قالت عنه إحدى الرّاهبات: ” يوم لن يعود يقوى على المشي، فبإمكانه أن يزحف، على بطنه ، ليساعد البؤساء”.
ساعد ماديًّا، بقدر ما استطاع. من أعمال الرّحمة الّتي كان يقوم بها، دفن الموتى…كان يلقاهم مرميين على الطّرقات وفي الأزقّة، وعلى أدراج الكنائس… فيدفنهم بيده أو يدفع الأجرة لكاهنٍ، ليهتمّ بهم ويؤمّن لهم كومة ترابٍ، تردّ عنهم الوحوش والغربان…
كان صامدًا، كالمسمار الّذي لا تستطيع اقتلاعه زوابع المعاناة أو الألم… لأنّه كان شديد الإيمان، بعيش ما يجعله يبلغ تلك الاستحقاقات الوفيرة، والمعدّة له في السّماء… دفع الجميع إلى الاتّكال على الله وعنايته. وعظ مرّاتٍ عديدة عن الرّجاء، وعن عيش مشيئة الرّبّ.. لأنّه كان على ثقة أنّ يسوع المسيح، هو الرّاعي الصّالح، والسّير معه فقط، سيقودنا إلى المرعى الخصيب …
هذا هو حبّ الرّبّ …حبٌّ ثابت… نُهينُه، ويغفر لنا. نصلبه في اليوم الواحد آلاف المرّات …وما زال يضمّنا إلى قلبه الغفور…
ليتنا نحبّ الله فوق كلّ شيء…. هوالصّالح والمستحقٌّ كلّ محبّة… إنّه كمال الحبّ.
ليتنا نستطيع رؤية ابتسامة الرّضى على وجه الرّبّ ، عندما نرسم ابتسامة الأمل على وجه القريب… هل نزحف على بطوننا من أجل تأدية الخدمة، كما كان يزحف أبونا يعقوب؟؟؟
هل نسمح لمحبّة الرّبّ أن تطفو على وجه اهتماماتنا؟؟؟
هل نطردُ كلّ ما يطرد محبّة اللّه من حياتنا؟؟؟؟
علينا أن نُفرِغَ ما في قلوبنا، من كلّ نبضٍ يشدّ بنا إلى التّعلّق بهشاشة ما هو أرضيّ ، لنجعلَها تمتلئ من محبّة الرّبّ….
علينا عيش نعمة التّخلّي والتّجرّد فنتمتّع عندها، بخفّةٍ كبرى ترفعنا إلى أرجاء السّماء…بخفّة كبرى ترفعنا إلى بلوغ الهدف الأسمى…
علينا معرفة أنّ ما نريده فقط، هو قلب يسوع الطّاهر لأنّه فرحنا الوحيد…