Yoga is not Christian

Pixabay - CC0

كيف تنال منّا الأقوال المفخّخة

تسلّل العصر الجديد في الكنيسة (3)

Share this Entry

كيف تتسلّل الأقوال المفخّخة للعصر الجديد ويستشهد بها المؤمنون إكليروساً وعلمانيين عن حسن نية ولكن بدون دراية منهم ولا روح تمييز، فينساقون عن جهل منهم ورغمًا عنهم، إلى أضاليل وكذبات العصر الجديد.

تنتشر عبر الإنترنت وخصوصًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أقوالٌ لفلاسفة وكتّاب ومؤلّفين. تبدو في ظاهرها أقوالاً مأثورة وحكيمة، وقد لا يكون لبعضها ضررٌ البتّة، لكن هي كالطعم في الصنّارة تسوّقها مواقع وصفحات لاصطياد أتباعٍ لها، هي بأغلبها تابعة للعصر الجديد أو لبدع أخرى كالعلوم الباطنية الإيزوتيريكEsoteric ، التيوزوفية Theosophie، الأنتروبوزوفياAnthroposophie ، الوردة الصليب Rose-Croix، زيتغيست Zeitgeist (روح العصر)، الكابالاKabbale ، الويكاWicca ،… أو مواقع تروّج لممارسات العصر الجديد مثل العرافة والتنجيم واليوغا والتأمّل الشرقي وكلّ تقنياتها النفسية كالتنويم والسفر الأثيري…. وغالباً ما تتّخذ لها عناوين إنسانية جذّابة  كالحفاظ على البيئة والدفاع عن حقوق الإنسان والأقليات الجنسية LGBT أو الدفاع عن حقوق الطفل (بما فيها الحقوق الجنسية) وتشريع الإجهاض وزواج المثليّين والقتل الرحيم وحرق جثث الموتى، أو قد تروّج لفكر “عبر الأنسنة”Transhumanisme  وهو فكر موازٍ للعصر الجديد لا يقلّ خطورة عنه، يسعى إلى الإنسان المتفوّق والمزادl’homme augmenté  بالتكنولوجيا أو بما يعرف بتقنيات النانو والبيو تكنولوجي والمعلوماتية وعلوم الدماغ NBIC (Nano technologies-biotechnologies, Informatique-sciences cognitives)[1]

والأكثر تداولاً وانتشاراً هي أقوال لفلاسفة وصوفيّين شرقيّين وكتّاب مشهورين جداً. ولكن جميع الناس بما فيهم مؤمنين إكليروس وعلمانيين يجهلون أنهم من العصر الجديد مثل: الروائي العالمي باولو كويللو Paolo Cohello، إيكهارت توللي Ekhart Tolle، لويز هاي Louise Hay، دايفيد سبانغلر David Spangler، شيرلي ماك لينShirley Maclaine ، فريتجوف كابراFritlof Capra ، إيستر هيكزEsther Hicks ، ماريان ويليامسونMarianne Williamson ، ديباك شوبراDipack Chopra  وأنطوني روبنزAnthony Robins ، أوشو Osho وكريشنامورتيKrishnamurti  …. واللائحة تطول ولا تنتهي، فرفوف المكتبات تعجّ بكتب العصر الجديد التي تتنوّع عناوينها ومواضيعها من العرافة والتنجيم والأرواحية والسحر والطلاسم، إلى تفعيل القدرات الباطنية وخبرات عتبة الموت والكائنات الفضائية والصحون الطائرة وكتب التنمية البشرية وتطوير الذات وتقنياتها مثل التفكير الإيجابي وقانون الجذب والإيحاء والتخيّل الذاتي وإعادة الولادة والعلاج بخط الزمن والتنويم. وكتب الطب البديل وعلاجات الطاقة والفانغ شوي والطاقة الهرمية والكريستالات والماكروبيوتيك الخ. حتى أنّ أغلب طلّاب المدارس في الصفوف المتوسطة قرأوا أو شاهدوا فيلم “السر”The Secret  لروندا بيرن الذي أوحى به روح غريب والذي روّج له العصر الجديد في كل العالم وترجم إلى أكثر من 30 لغة!

سنعطي عدّة أمثلة على أقوال مفخّخة للعصر الجديد، من أجل التوعية حتى يتجنّب المؤمنون الوقوع في حبائله المنسوجة بمعسول الكلمات والعلوم الكاذبة.

1 – “إصدار الأحكام هو ذبذبات أو تردّدات سلبية” – ستيفن ريتشارد

Judgment is a negative frequency- Stephen Richard

لا شك أنّ إصدار الأحكام وإدانة الآخرين أمر سيّىء ومكروه. يبدو هذا القول في الظاهر أخلاقيًا وحتى مسيحيًا يتوافق مع ما يقوله الرب يسوع: “لا تدينوا لكي لا تُدانوا” (مت 7/1)، خصوصًا متى حكمنا على ظاهر الإنسان ونحن لا ندرك باطنه وحقيقة نواياه. لكنّ قول ستيفن هذا مبطّن ويخفي وراءه تعليمًا له علاقة بالعصر الجديد الذي يؤمن أنّ كلّ شيء في الكون هو طاقة وذبذبات وتردّدات. مثلاً الغضب هو تردّدات سلبية. المحبة تردّدات إيجابية. يمكن جذبها بالتفكير الإيجابي Positive Thinking (وهو غير التفكير الإيجابي الذي ينصح به علماء النفس، لكنّه منبثق عن حركة الفكر الجديد New Thought الذي ابتدعه إليفاس كويمبي وهو يروّج لتعاليم خرافية مفادها أنّ للفكر قوة للجذب بإيحاء من قوانين السحر والشعوذة)[2] كما يمكن جذبها بتقنيات التأمّل الشرقي الآسيوي وغيرها.

إذن يمكن لإنسان متى ضبط تفكيره أن يجذب إليه كلّ أمر حسن وأن ينال كلّ شيء بحسب رغبته.

هو ليس بحاجة إلى التوبة لينقّي قلبه ولا إلى فداء المسيح لغفران خطاياه وتبريره بالنعمة. هو ليس بحاجة إلى التوبة حتى ينال ثمار الروح القدس (غل5/ 22). هو كاللاقط الهوائي antenne يلتقط بجهده ذبذبات الكون ويستبدل روح الله بالتداريب النفسية والتأملات اليوغية. عندما نقبل هذا القول نبدأ تدريجياً بتبنّي فكر غريب وبديل عن تعليم الكنيسة مصدره روح غريب من العصر الجديد.

2 – “عندما ترغب شيئًا، الكون بأكمله سيتواطأ معك ليساعدك على تحقيقه”- باولو كويللو

When you want something, all the universe conspires in helping you to achieve it – Paolo Coelho

هذا قول جميل لباولو كويللو. قد يبدو حالماً وواعداً ومتفائلاً ومقبولاً مسيحياً. لكن إذا تمعّنّا فيه نسأل كيف سيساعدنا الكون في تحقيق أهدافنا؟؟ ما هي طبيعة هذه القوى الكونية التي ستساعدنا؟ ما هي هذه الطاقات الكونية المبهمة؟ مع العلم أنّ العناية الإلهيّة موجودة وهي خارجة عن قوى الكون. هي أمر آخر مختلف تماما له علاقة بروح الله وبعمل النعمة…
بما أنّ العصر الجديد يؤمن بقوى كونية وطاقات هي عبارة عن ذبذبات وتردّدات إيجابية او سلبية هي مصدر الحياة وهي ينطبق عليها مبدأ الحلولية pantheism التي تقول إنّ كلّ شيء هو من طبيعة الألوهة. فالإنسان إله والحيوان والنبات إله. العالم المخلوق تحلّ الألوهة فيه. وهذا المبدأ أخذه العصر الجديد عن الديانات الوثنية من الشرق الاقصى. ويدّعون كذلك أنّ للكون ذاكرة كونية أو شكلاً من الوعي الكوني يمكننا متى تواصلنا معه أن نصل إلى الوعي الكامل والاستنارة الشخصية.
لذلك يقول باولو كويللو “أنت فقط تمنَّ وركّز فكرك فيما تريد وتواصل مع القوى الكونية التي سوف تلبّي حاجاتك”. هذا الكلام وما شابهه في أدب العصر الجديد، يندرج في خانة ما يُسمى بقانون الجذبlaw of attraction وهو من شعوذات وكذبات العصر الجديد ولا علاقة له بالعلم أبداً.

لمجد المسيح! يتبع…

جيزل فرح طربيه – باحثة في البدع

[1] لمعرفة المزيد عن فكر عبر الانسنة، مراجعة كتابنا : تيار العصر الجديد من وجهة نظر الايمان المسيحي، دار المشرق، 2018

[2] لمعرفة المزيد قراءة: “حقيقة البدائل الطبية بحسب تعليم الكنيسة” – جيزل فرح طربيه و”بدعة العصر الجديد في مواجهة كنيسة المسيح” (الأب أنطوان لطوف – جيزل فرح طربيه) و”تيار العصر الجديد من وجهة نظر الايمان المسيحي” – جيزل فرح طربيه.

Share this Entry

جيزل فرح طربيه

Help us mantain ZENIT

إذا نالت هذه المقالة اعجابك، يمكنك أن تساعدنا من خلال تبرع مادي صغير