“هل ننتظر السماء كشيء تجريديّ ونظريّ أو كلقاء؟” هذا هو السؤال الذي دعا البابا فرنسيس إلى طرحه صباح اليوم ضمن العظة التي ألقاها من دار القديسة مارتا، بحسب ما نقلته لنا الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت، مؤكِّداً أنّ “مَن يتمتّع بالرجاء، لن يخيب أمله أبداً”.
متأمِّلاً بإنجيل اليوم، تطرّق الأب الأقدس إلى تعبيرَي “المواطنون الزملاء” و”إرث” قائلاً: “إنّ هويّتنا تقضي بأن يشفينا الرب، وأن نُبنى في مجتمعنا وأن يكون الروح القدس فينا”.
وأضاف: “إنّ الإرث هو ما نبحث عنه على طريقنا، وما نتلقّاه في النهاية بفضل الرجاء الذي قد يكون الفضيلة الأصعب لفهمها”. وهنا تساءل البابا: “ما هو الرجاء؟ أن يكون لدينا أمل في السماء. لكن ما هي السماء بالنسبة إليكم؟؟ إنّ العيش بالرجاء يعني السير نحو جائزة ونحو فرح لن نشعر به هنا أبداً، بل في الأعلى… إنّها فضيلة يصعب فهمها، لكنّها فضيلة بغاية التواضع، وفضيلة لا تُخيّب أبداً: إن كان لديك رجاء، لن يخيب أملك أبداً، أبداً!”
وتابع الحبر الأعظم شرحه: “إنّ الرجاء أيضاً فضيلة حسية. وستسألون: كيف يمكن أن تكون حسية إن كنت لا أعرف السماء أو ما ينتظرني؟ أمّا الجواب فهو: إنّ الرجاء، أي إرثنا الذي هو أملنا حيال شيء ما، ليس فكرة، وليس أن نكون في مكان جميل…لا. إنّه لقاء. ويسوع يشير دائماً إلى هذا الجزء من الرجاء، أي أن نكون في انتظار هذا اللقاء”.
وأعطى أسقف روما صورة لشرح الرجاء: “المرأة الحامل التي تنتظر طفلاً، تقصد الطبيب الذي يُريها صورة الموجات فوق الصوتيّة ويقول “الطفل بخير”… فتكون المرأة سعيدة وتداعب بطنها كلّ يوم فتكون تداعب طفلها، وهي تكون بانتظار هذا الطفل، بل تعيش في انتظاره. وهذه الصورة يمكن أن تجعلنا نفهم ما هو الرجاء: العيش لأجل هذا اللقاء. تلك المرأة تتخيّل كيف ستكون عينا طفلها، وكيف ستكون ابتسامته، وإن كان سيكون أشقر أو أسمر… إنّها تتخيّل اللقاء مع طفلها”.
وختم البابا عظته قائلاً: “هل رجائي حسّي أو غنوصيّ؟ إنّ الرجاء حسّي ويجب عيشه كلّ يوم لأنّه لقاء. وكلّ مرّة نلتقي فيها يسوع في الإفخارستيا أو الصلاة أو الإنجيل أو الفقراء أو الحياة الاجتماعية، نكون نقوم بخطوة إضافيّة نحو هذا اللقاء النهائيّ”.
ثمّ تمنّى الحبر الأعظم لكلّ مسيحيّ “حكمة معرفة أن يفرح بلقاءات الحياة الصغيرة مع يسوع، مع التحضير للّقاء الكبير النهائيّ”.