“هناك الكثير من المسيحيّين “بالقول”، لكنّ القداسة الحقيقيّة تقضي بتطبيق رسالة المسيح”: هذا ما أشار إليه البابا فرنسيس صباح اليوم خلال عظته التي ألقاها من دار القديسة مارتا، وأعطى طريقَين لمعرفة المسيح، بناء على ما كتبته الزميلة آن كوريان من القسم الفرنسي في زينيت.
ثمّ تساءل البابا: “مَن هو المسيح بالنسبة إليك؟ من السهل إعطاء الجواب عبر تلاوة قانون الإيمان، لكنّ السؤال الشخصيّ “يُربكنا” قليلاً لأنّه يجب أن ندخل إلى أعماق القلب”.
وتابع الأب الأقدس شرحه متطرّقاً إلى القراءة الأولى لهذا اليوم وقائلاً: “إنّ القدّيس بولس لم يعرف المسيح عبر البدء بدروس لاهوتيّة. وما شعر به بولس، إنّما يريدنا نحن المسيحيّين أن نشعر به. وجواباً عن سؤال “من هو المسيح بالنسبة إليك يا بولس؟” سيُخبرنا القدّيس اختباره الشخصيّ والبسيط: “لقد أحبّني وسلّم ذاته لأجلي”. بولس أشرك ذاته مع المسيح الذي دفع عنه الثمن… ويريد بولس أن يدخل المسيحيّون في هذا الاختبار إلى درجة أن يتمكّن كلّ واحد من القول: المسيح أحبّني وسلّم ذاته لأجلي”.
“أمّا أفضل طريق لفعل ذلك فهو الاعتراف بأننا خطأة! إنّ أوّل خطوة لمعرفة المسيح ودخول هذا السرّ تقضي بأن نُدرك خطايانا. إنّما التفوّه بخطايانا هو أمر يختلف عن الاعتراف بأنّه يمكننا أن نقترف أيّ شيء… وأن نعترف بأننا قذارة. القديس بولس اختبر بؤسه الذي وجب أن يُنقَذ منه، وفهم أنّه على أحد أن يدفع ثمن الحقّ للقول إنّه “ابن الله”… جميعنا أبناء الله، لكن لكي نقول ذلك ولكي نشعر به، وجب أن يضحّي المسيح بنفسه”.
في السياق عينه، نصح البابا في عظته أيضاً بمرحلة ثانية، ألا وهي التأمّل. “كان قدّيس يتلو هذه الصلاة: “أيها الرب، اجعلني أعرفك وأعرف نفسي”. علينا أن نعرف أنفسنا وأن نعرف المسيح، وألّا نكتفي بالتفوّه بثلاث أو أربع كلمات حول المسيح، لأنّ معرفة يسوع هي مغامرة، لكنّها مغامرة جدّية وليست مغامرة مراهقين. وقد قال القديس بولس ذلك: “لديه السلطة ليفعل أكثر بكثير ممّا يمكننا أن نطلبه أو حتّى أن نتصوّره”… لكن علينا أن نطلب ذلك. “إلهي، أعطني أن أعرفك، لكي لا أردّد كلماتي كببّغاء عندما أتكلّم عنك، ولأتفوهّ بكلمات تولد من خبرتي”.
وختم البابا عظته باختصار ما سبق وذكره قائلاً: “هناك الكثير من المسيحيين بالقول، ونحن أيضاً نكون كذلك أحياناً، وليست هذه القداسة. القداسة هي أن نكون مسيحيّين يُدركون في الحياة ما علّمه يسوع. والطرق لإدراك يسوع هي أن نعرف أنفسنا أوّلاً أننا خطأة. فبدون هذا الاعتراف، لا يمكننا التقدّم. وثانياً: الصلاة للرب لكي يجعلنا ندرك بقدرته سرّ يسوع، أي النار التي أحضرها إلى الأرض. وستكون تلك عادة جيّدة أن نقول كلّ يوم في أوقات محدّدة: اسمح لي أن أعرفك وأن أعرف نفسي”.