“يسرّني أن ألقي مداخلة باسم الشباب المارونيّين الموجودين في لبنان والشرق الأوسط والقارّات الخمس، والذين يشكرون من كلّ قلبهم الأب الأقدس لدعوة هذا السينودس للانعقاد”. هذا ما قاله المونسنيور توفيق بو هدير خلال الملخّص اليومي عن السينودس في الفاتيكان، البارحة في 24 تشرين الأوّل 2018، بحسب ما نقلته لنا أنيتا بوردان من القسم الفرنسي في زينيت.
وقد أعلن المونسنيور في مداخلته عن تجمّع لشباب الشرق الأوسط في بيروت، وذلك في شهر آذار 2019، مُصرّاً على ضرورة مساعدة الشباب المسيحي على عدم ترك الشرق.
نشير هنا إلى أنّ المونسنيور بو هدير هو المسؤول عن الـ”يوكات YOUCAT” (مختصر عن Youth Catechism for the Catholic Church أو كتاب تعليم الكنيسة الكاثوليكية المسيحي للشبيبة) التابع للمؤسسة العربية (في الكنيسة المارونية)، وهو أيضاً منسّق المكتب البطريركي لراعوية الشباب (لبنان).
في تفاصيل المداخلة، ذكّر المونسنيور بمراحل التحضير للسينودس حول “الشباب والإيمان وتمييز الدعوات” قائلاً: “لقد تابع شبابنا المراحل المتعدّدة التي سبقت السينودس… كما وشاركوا في تحضير للسينودس في شهر آب الماضي. وقد جمع تقريرٌ ملخّصاً عن أفكارهم وتَوقهم ليلعبوا دوراً فعّالاً في حياة الكنيسة المتجدّدة”.
وفي السياق عينه، أشار بو هدير إلى أنّ الشباب بحاجة إلى أن يشعروا أنّ آباء السينودس والكنيسة برمّتها متنبّهين لمعاناتهم ولوجودهم في الشرق الأوسط، معتبراً هؤلاء الشباب أبطالاً في الحوار: “في هذا الشرق حيث تتعايش العادات الاجتماعية بين المسيحيين والمسلمين، إنّ شبابنا هم وسطاء حوار بين الثقافات وبُناة جسور مع سائر المواطنين”.
ويرى بو هدير الشباب “أنبياء” بعكس التيّار، وهم يصلّون ليتمّ وضع حدّ لمعاناة كنائس الشرق الأوسط ووضع حدّ للعنف والإرهاب.
ولم ينسَ المونسنيور ذكر البابا يوحنا بولس الثاني الذي قال: “لبنان أكثر من بلد، إنّه رسالة حرية ومثال على التعددية للشرق وللغرب”، معتبراً أنّ جملته هذه تنطبق على شباب اليوم.
ثمّ شدّد المونسنيور على وجوب عدم هجر الشباب الشرق، خاصّة وأنّ البطريرك الراعي أكّد أنّ “وجود المسيحيين هو ضرورة فائقة في الشرق الأوسط. من هنا، كان النداء للعودة: إنّ شباب لبنان يصرخون للبلدان الغربية كي تساعد المهاجرين واللاجئين الذين يستقبلهم لبنان (ويبلغ عددهم مليوني شخص تقريباً أي نصف عدد سكّان لبنان). لا يكفي أن تتمّ مساعدتهم للعيش حيث هم، بل يجب خلق الشروط السياسيّة والاقتصادية وشروط السلامة التي تعزّز عودتهم إلى بلادهم، سواء كانوا من العراق أو من سوريا أو من فلسطين”.
من ناحية أخرى، ذكّر المونسنيور بو هدير بثقة الشباب برعاتهم، مشيراً إلى أنّه منذ فترة يُصغي شخصياً إلى الشباب وأصبح يعرف توقّعاتهم، خاصّة ما يتوقّعونه من الرعاة القريبين منهم، في ظلّ رغبتهم في أن تكون الكنيسة أكثر فأكثر مكاناً يسود فيه القُرب والحوار والمبادرات. “يريد الشباب كنيسة مُلفتة وجاهزة للذهاب لملاقاة أيّ إنسان ونقل الإنجيل”، كما قال البابا فرنسيس.
بعد ذلك، أعلن المونسنيور عن حدثَين في إطار السينودس: نشر مجموعة كتب “يوكات” باللغة العربيّة: التعليم المسيحي، تعليم الكنيسة الاجتماعي (الذي قدّمه البابا للشباب المشاركين في السينودس)، إنجيل الشباب، و”يوكات للأولاد” (والذي قدّمه البابا خلال لقاء العائلات في دابلن في شهر آب الماضي).
أمّا الحدث الثاني فهو أوّل لقاء مسكونيّ دولي للشباب، والذي سينعقد في بيروت بين 22 و26 آذار 2019، تحت رعاية مجلس كنائس الشرق الأوسط وجماعة تايزيه، على أن يكون يوم 25 آذار أي عيد البشارة (وهو يوم عطلة للمسيحيّين والمسلمين في لبنان) مُخصّصاً لاختبار الشباب على أنّهم “روّاد الحوار بين الأديان”.
وفي الختام، أراد بو هدير دعم رجاء الشباب وقال لهم: “أرغب في توجيه كلمة رجاء لشباب العالم، خاصّة شباب سوريا والعراق وفلسطين والأردن ولبنان وجميع بلدان الشرق: إنّ يسوع هو حجر الزاوية لعالم جديد، وأنتم من سيبنون عالم الرجاء ذلك. في ظلّ اللامساواة والأحكام المسبقة وحيث تسير كلّ الأمور باتّجاه معاكس، كونوا بلا خوف وثابتين. كونوا شهود العدالة والشجاعة، فالمسيح يعتمد عليكم. يا شباب الشرق الأوسط، الله يُناديكم ويُسلّمكم مهمّة. لا تخافوا وثقوا به. أنتم مرسَلون وحاملو رسالة الحبّ التي لا يكفّ يسوع عن المناداة بها”.