“فليحبّ بعضنا بعضًا لأنّ المحبة هي من الله” هذا ما أعلنه البابا فرنسيس اليوم أثناء عظته الصباحية من دار القديسة مارتا مقتبسًا كلمات يوحنا الرسول. وتابع: “هذا هو سرّ المحبة، الله أحبّنا أولاً. هو من قام بالخطوة الأولى. خطوة نحو الإنسانية التي لا تعرف أن تحبّ” وتحتاج لحنان الله لكي تحبّ وتشهد لله. كانت الخطوة الأولى التي قام بها الله تجاه الإنسان أن أرسل ابنه الوحيد ليخلّصنا ويعطي معنى جديدًا لحياتنا، ليجددنا ويخلقنا من جديد”.
توقّف البابا حول مقطع من إنجيل القديس مرقس الذي يصف أعجوبة تكثير الأرغفة والسمك. وأوضح بأنّ الرب حقق هذه المعجزة لأنه أشفق على الجمع الذي كان ينتظره عند شاطئ بحيرة طبرية وكانوا وحيدين وكغنم لا راعي لها. “قلب الله، قلب يسوع، تأثّر عندما رأى هؤلاء الناس لذا لم يستطع أن يبقى غير مبالٍ بهم. الحبّ قلق. هو لا يتساهل مع اللامبالاة بل يتحلى بالشفقة. إنما الشفقة تعني أن نلزم قلوبنا وتعني الرحمة وأن نضع قلوبنا في خدمة الآخرين. هذا هو الحبّ. الحبّ هو أن نلزم قلوبنا في سبيل الآخرين”.
تلاميذ غير مبالين
عاد البابا إلى المشهد الذي كان فيه يسوع يعلّم الناس والتلاميذ أمورًا كثيرة وبدا التلاميذ وكأنهم سئموا منه لأنه كان يكرّر الأمور نفسها فقالوا له: “المكان قفر وقد فات الوقت. اصرفهم ليذهبوا إلى المزارع والقوى المجاورة، فيشتروا لهم ما يأكلون”. وكأنهم يقولون: ليتدبّروا أمورهم وليبتاعوا الخبز بأنفسهم. ولاحظ البابا أنّ “التلاميذ كانوا يعرفون أنهم يملكون الخبز لإطعامهم إنما أرادوا أن يحتفظوا به من أجل أنفسهم. وهذا ما يسمى باللامبالاة. لم يكن التلاميذ يهتّمون لأمر الناس., بل كانوا يهتّمون لأمر يسوع لأنهم أحبّوه بصدق فهم ليسوا أشرارًا بل غير مبالين. كانوا يجهلون معنى الحبّ ومعنى الرحمة واللامبالاة. لقد خانوا المعلّم وتخلّوا عنه ليفهموا جوهر الرحمة والشفقة”.
وأما جواب يسوع فأتى قاطعًا: “أعطوهم أنتم ما يأكلون” أي اهتمّوا بهم. وهذا هو الجهاد بين شفقة يسوع واللامبالاة، اللامبالاة التي تتكرّر دائمًا عبر التاريخ. يوجد الكثير من الناس الطيبين إنما لا يفهمون حاجات الآخرين، وهم عاجزون عن الرحمة لأنّ محبة الله لن تدخل بعد إلى قلوبهم أو لم يدعوها تدخل”.
وفي الختام، أكّد البابا أنّ “اللامبالاة” هي ما يتعارض يوميًّا مع محبة الله وشفقته. أنا مكتفٍ ولا ينقصني شيء. أملك كلَّ شيء وأمّنت هذه الحياة والحياة الأبدية لأنني أذهب إلى القداس كلَّ يوم أحد وأنا مسيحي صالح. ولكن لدى خروجي من المطعم أميل بنظري إلى الجهة الأخرى. لنفكّر بهذا الإله الذي يقوم بالخطوة الأولى والذي يشفق ويرحم فيما غالبًا ما تكون مواقفنا مواقف لامبالاة. لنرفع صلاتنا إلى الرب لكي يشفي البشريّة اطلاقًا من ذواتنا، لكي يشفي قلب كل منا من هذا المرض الذي يسمى بثقافة اللامبالاة.